ثم أقبل على سعد بن أبي وقاص ، فقال : إنما أنت صاحب مِقْنَب (١) من هذه المقانب تقاتل به ، وصاحب قنصٍ ، وقوس ، وأسهم ، وما زُهْرة (٢) والخلافة وأمور الناس ؟!
ثم أقبل على عبد الرحمن بن عوف ، فقال : وأما أنت يا عبد الرحمن فلو وُزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك ، لرجح إيمانك به ، ولكن ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعفٌ كضعفِك ، وما زُهرة وهذا الأمر . !
ثم أقبل على عليّ عليه السلام فقال : لله أنت لولا دعابة فيك . . ! أما والله لئن وُلّيتهم لتحملنّهم على الحق الواضح ، والحجة البيضاء .
ثم أقبل على عثمان ـ وكأنه يناوله الخلافة ـ فقال له :
هيهاً إليك ؛ كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمر لحبّها إياك ، فحملت بني أميّة ، وبني أبي مُعَيط على رقاب الناس ، وآثرتهم الفيىء ، فسارت إليك عصابةً من ذؤبان العرب ، فذبحوك على فراشك ذبحاً ، والله لئن فعلوا لتفعلنّ ، ولئن فعلْتَ ليفعَلُنّ ، ثم أخذ بناصيته فقال : فإذا كان ذلك فاذكر قولي ، فإنه كائن !! (٣) .
بعد هذا ، أراد أن يبرم الأمر إبراماً تصدق معه فراسته في تسليم الأمر لعثمان ، فاستدعى أبا طلحة الأنصاري ، فقال له :
« انظر يا أبا طلحة ، إذا عدتم من حفرتي ، فكن في خمسين رجلاً من الأنصار حاملي سيوفكم فخذ هؤلاء النفر بامضاء الأمر وتعجيله ، واجمعهم في بيت ، وقف بأصحابك على باب البيت ليتشاوروا ويختاروا واحداً منهم .
____________________
(١) : المِقْنَب : جماعة الخيل .
(٢) : زهرة : قبيلة سعد بن أبي وقاص .
(٣) : شرح النهج ١ / ١٨٦ ـ ١٨٧ .