فإن اتفق خمسة ، وأبى واحد فاضرب عنقه .
وان اتفق اربعة وأبى إثنان فاضرب اعناقهما .
وان اتفق ثلاثة ، وخالف ثلاثة ، فانظر الثلاثة التي فيها عبد الرحمن ، فارجع الى ما قد اتفقت عليه ! فإن أصرت الثلاثة الأخرى على خلافها ، فاضرب أعناقها وان مضت ثلاثة أيام ولم يتفقوا على أمر ، فاضرب أعناق الستة ، ودع المسلمين يختاروا لأنفسهم (١) .
وقال للمقداد الكندي : إذا وضعتموني في حفرتي ، فاجمع هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلاً منهم (٢) . ولعله إنما أشار على المقداد بذلك ليكون ممثلاً للمهاجرين في مراقبة هذه الشورى .
تخطيط دقيق محكم لولا أنه لم يكن ساتراً لبعض المتناقضات التي وقع فيها الخليفة ، كما لم يكن ساتراً لرغبته في عثمان حين جعل صوت عبد الرحمن ـ صهر عُثمان ـ بصوتين ، وما ذلك إلا إضعافاً لجانب علي .
ثمّة أمر آخر هو أهم ما انطوت عليه عملية الشورى هذه حيث استقام له فيها « وضع نظام يجمع بين التعيين والإِنتخاب ، وحسبه من الإِنتخاب صورته ، وان كانت هذه الصورة قلقة لا تكاد تستقر على قاعدة دينيةٍ صريحة ، ولا على مبدأ شعبي معترف به ، فالحقيقة أنه إنما صنع الإِنتخاب ليتجنب التعيين ، لا أكثر (٣) . وبذلك يسلم من سخط أحد الفريقين المتخاصمين ، اتباع علي ، وأتبع عثمان .
عمر
، يعرف جيداً أن عليّاً هو صاحب الحق ، ولم تكن لتخفى عليه مؤهلاته
للخلافة وسابقته وجهاده ، وقد أفصح للناس عن مسلك علي بقوله
____________________
(١) : شرح النهج ١ / ١٨٦ و ١٨٧ .
(٢) : العقد الفريد ٤ / ٢٧٥ والكامل ٣ / ٦٧ .
(٣) : حليف مخزوم .