ثم بدأت المعركة ، وقام الرماة يرمون خيل المشركين بالنبل ، فولّت هاربةً ، ودنا القوم بعضهم من بعض . « وأقبل خالد بن الوليد وعكرمة فلقيهما الزبير والمقداد فهزما المشركين » (١) .
وتقدم طلحة ـ حامل لواء المشركين ـ وصار النسوة خلف الرجال يضربن بين أكنافهم بالطبول والدفوف ، وهند ومن معها يحرضن الرجال ، ويذكرن قتلى بدر ويقلن :
نحن بنات طارق |
|
تمشي على النمارق |
مشي القطا البوارق |
|
المسك في المفارق |
والدر في المخانق |
|
إن تقبلـوا نعانق |
أو تدبروا نفارق |
|
فراق غير وامق |
وتقدم طلحة صاحب اللواء ، وصاح : هل من مبارز ؟
فقال له علي عليه السلام : هل لك في مبارزتي ؟ قال : نعم .
فبرزا بين الصفين ورسول الله ( ص ) جالس تحت الراية وعليه درعان ومغفر وبيضة ، فالتقيا بسيفيهما ، فضربه عليٌّ ضربةً على رأسه ، فمضى السيف حتى فلق هامته وانتهى إلى لحيته ، فوقع كالثور يخور بدمه ، وانصرف عنه علي عليه السلام ، فلما قتل طلحة ، كبر رسول الله تكبيراً عالياً ، وكبر معه المسلمون ، فقيل لعلي عليه السلام هلَّا ذَفَفتَ ( أجهزت ) عليه ؟ فقال : لما صُرِع ، استقبلني بعورته ، وسألني الرَحِم .
ثم
شد أصحاب رسول الله ( ص ) على كتائب قريش يضربون وجوههم ، حتى انتقضت صفوفهم ، وقد حمل اللواء بعد طلحة أخوه
____________________
(١) : راجع الكامل ٢ / ١٥٢ وكذلك في الطبري .