سبب هزيمة المسلمين
قالوا : ما ظفّر الله نبيه في موطن قط ، مثل ما ظفّرهُ وأصحابه يوم أُحد ، حتى عصوا الرسول وتنازعوا في الأمر ! لقد قتل أصحاب اللواء وانكشف المشركون منهزمين لا يلوون ونساؤهم يدعون بالويل . . قال الواقدي : وقد روى كثير من الصحابة ممن شهد أحداً ، قال كل واحد منهم : والله إني لأنظر إلى هند وصواحبها منهزمات ، ما دون أخذهن شيء لمن أراد ذلك ، وكلما أتى خالدٌ من قِبل ميسرة النبي ( ص ) ليجوز حتى يأتي من قبل السفح فيرده الرماة ، حتى فعلوا ذلك مراراً ، ولكن المسلمين أوتوا من قبل الرماة ، إن رسول الله ( ص ) أوعز إليهم فقال : قوموا على مصافكم هذا ، فاحموا ظهورنا ، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا ، وأن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، ! فلما انهزم المشركون وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤا حتى أجهضوهم عن العسكر ، ووقعوا ينتهبون العسكر ؛ قال بعض الرماة لبعض : لِمَ تُقيمون ههنا في غير شيء ؟ قد هزم الله العدو وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم ، فادخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم .
فقال بعض الرماة لبعض : ألم تعلموا أن رسول الله ( ص ) قال لكم : إحموا ظهورنا فلا تبرحوا مكانكم ، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وان رأيتمونا غَنِمنا فلا تشركونا ، أحموا ظهورنا » ؟ فقال الآخرون : لم يرد رسول الله هذا ، وقد أذل الله المشركين وهزمهم ، فادخلوا العسكر فانتهبوا مع إخوانكم . فلما إختلفوا خطبهم أميرهم عبد الله بن جبير ، وكان يومئذٍ مُعلماً بثياب بيض ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم أمر بطاعة الله وطاعة رسوله ( ص ) وألّا يُخَالَفَ لرسول الله أمر .
فعصوا ، وانطلقوا ، فلم يبق من الرماة مع أميرهم عبد الله إلا نفرٌ ما يبلغون العشرة ، فيهم الحارث بن أنس بن رافع ، يقول : يا قوم ، إذكروا عهد نبيكم إليكم ، وأطيعوا أميركم .