يوم بدر أسد الله وأسد رسوله ، وسيف الله البتار ، يخوض وسط المشركين ، لا يدنو منه أحداً إلا بعجه بسيفه . قال ابن كثير في البداية : انه كان كالجمل الأورق (١) يهد الناس بسيفه هدّاً .
فأقبلت هند إلى غلام حبشي فتاك يدعى وحشي وأغرته بالمال على أن يغتال أحد ثلاثة ! إما محمداً ، أو علياً ، أو حمزة . وكانت تقول كلما مرت بوحشي أو مرّ بها : إيه أبا دُسمة ! إشفي واشتفي .
فقال لها : أما محمد فلا حيلة لي به ! فقد أحدق به قومه كالحلقة . وأما علي فإنه إذا قاتل كان أحذر من الغراب ، وأما حمزة فإني أطمع أن أجيبه ، لأنه إذا غضب لم يعد يبصر ما بين يديه .
قال وحشي : إني والله لأنظر إلى حمزة وهو يهدّ الناس بسيفه هدّا ما يلقى أحداً به إلا قتله ، وقتل سباع بن عبد العزى . قال : فهززت حربتي ودفعتها عليه ، فوقعت في ثُنّتِه حتى خرجت من بين رجليه ، وأقبل نحوي فغُلِب ، فوقع . (٢)
ولما علمت هند بمصرع حمزة ، لم تكتف بذلك ، بل أقبلت إليه فبقرت بطنه ، وجذبت بيديها كبده وقطعت منها قطعة ووضعتها في فمها وجعلت تلوكها بأسنانها ولكن لم تستطع أن تبتلعها . وقيل : أنها قطعت مذاكيره وأنفه وأذنيه ثم جعلت ذلك مسكتين ومعضدتين (٣) . حتى قدمت بذلك مكة ، وقدمت بكبده أيضاً معها (٤) . ولم يقف هذا الحقد الأعمى عند هند فقط بل تخطاها إلى زوجها ابي سفيان ، فإنه حين مر بحمزة طعنه في شدقه برأس الرمح وهو يقول : ذق عَقَقْ (٥) .
____________________
(١) : الجمل الأورق : ما في لونه بياض الى سواد . (٢) : الكامل ٢ / ١٥٦ .
(٣) : المَسَكَة : السوار . (٤) : كما جاء في شرح النهج ١٥ / ١٢ والمغازي أيضاً بلفظ آخر . (٥) : الكامل ٢ / ١٦٠ وغيره .