حزن النبي على عمه حمزة
وبعد أن انتهت المعركة ، وتفرغ الناس لدفن القتلى ، قال النبي ( ص ) : من له علم بعمي حمزة ؟ فقال الحارث بن الصمّة : أنا أعرف موضعه يا رسول الله ! فجاء فوقف عليه فرآه بتلك الحالة التي تركته عليها هند ، فكره أن يرجع الى النبي ويخبره .
فالتفت رسول الله ( ص ) إلى علي ، وقال له : أطلب عمك الحمزة . وأقبل علي نحو عمه ، فلما وقف عليه كره أن يخبر النبي بحاله .
فخرج رسول الله ( ص ) بنفسه حتى وقف عليه ، فلما رآه بتلك الحال بكى ، وقال : والله لن أصاب بمثلك أبدا ، وما وقفت موقفاً قط أغيظ علي من هذا الموقف (١) .
قال ابن مسعود : ما رأينا رسول الله باكياً أشد من بكائه على حمزة ، لقد وقف عليه وأنتحب حتى نشغ (٢) من البكاء وهو يقول :
يا عم رسول الله ، وأسد الله وأسد رسوله ، يا حمزة ، يا فاعل الخيرات ! يا حمزة ، يا كاشف الكربات ، يا حمزة ، يا ذاب عن وجه رسول الله ، وطال بكائه (٣) .
ثم
ألقى عليه بردةً كانت عليه ، وكانت إذا مدها على رأسه بدت رجلاه ، وإذا مدّها على رجليه بدا رأسه ، فمدها على رأسه وألقى على رجليه الحشيش . ثم قال : لولا اني أخاف أن تراه صفيّة بتلك الحالة فتجزع ، ويصبح ذلك سُنّةً من بعدي ، لتركته يحشر من أجواف السباع ، وحواصل الطير . ولئن أظهرني الله على قريش لأمثلن بثلاثين من رجالهم ! وفي رواية :
____________________
(١) : سيرة المصطفى / ٤٢٧ .
(٢) : نشغ : شهق حتى كاد أن يغشى عليه .
(٣) ذخائر العقبى ١٨١ .