من استدل بالظاهر على وجوب العمل بخبر الواحد ، ومن استدل به على المنع منه ، من أنه ظاهر في الاصل . فلا يجدي أن التمسك بظاهر القرآن قطعي كما ذكرنا دليل مناط التمسك به الظن ، بأنه مراد الله تعالى .
فانه قد يكون العمل واجباً مع ان الحكم الواقعي ليس بمعلوم ، ولا مظنون فليست الادلة المانعة من اتباع الظن مانعة بظاهرها منه كما سنذكره عند قول المصنف : ( وأما القياس والاجتهاد فعندنا انهما ليسا بدليلين ) .
وبعد التنزل عن جميع ذلك نقول : قوله ( ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ) غير محتاج اليه في الاعتراض لانه يكفي هنا فقد الدليل على جواز التمسك بالظاهر ، وانما ذكره زيادة على المتن للاستظهار ، وهو فاسد .
لان العموم المستفاد من الدلائل المانعة ان كان قطعياً بالنسبة اليها ، مع قطع النظر عن هذا الاجماع كما هو الحق وسنبينه ، فكان تخصيصها بالاجماع ممتنعاً لاستلزامه تعارض القطعين ، وان كان ظنياً فكيف يجب العمل بالدلائل المانعة على تقدير انتفاء هذا الاجماع وهي ظاهرة . ولم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر .
لا يقال : نختار الشق الاول ، نقول : لما جعل الاجماع المذكور التمسك بالظاهر من قبيل القطعيات ، لم يشمله عموم الدلائل المانعة حتى يحتاج الى تخصيص . كما سيذكره المصنف في ( فصل في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله ) .
أو نختار الشق الثاني ، ونقول :
أولا
: ان ما ذكرتم ، انما يتم لو كان المقصود ان يثبت بالظاهر جواز التمسك به . اما اذا كان المقصود أن يثبت بالظاهر حظر التمسك به كما فيما نحن