وكل من يطوف بالليل فهو سارق ) امارة يستلزم الظن به ، الظن بالنتيجة قطعاً ويكفي الاحتمال . ولا يخفى ان الظن في كبرى هذا المثال غير متحقق فيمن يظن بالسرقة لامارة الطواف بالليل . بل العلم بكذبها حاصل له . ولا ينافي ذلك علمه ، بأن الغالب في الطائف بالليل انه سارق . فالاولى جعل الامارة ما قلناه ، واستلزام الظن بالملزوم للظن باللازم كلياً ممنوع كما سيجيء في ( فصل في أن الاخبار قد يحصل عندها العلم ) .
ثم لو فرضنا ان الظن بهما مستلزم للظن بالنتيجة ، فليس النظر فيهما مستلزماً له كما يظهر مما حررنا سابقاً ، لان الظن بهما خارج عن حقيقة النظر ، وليس من جنسه ولا لازماً له . ولذا قد ينظر جماعة في امارة واحدة ، من جهة واحدة بدون تفاوت فيما يرجع الى النظر ، ويحصل لاحدهم الظن دون الاخرين . كما ذكره المصنف .
قال سيدنا الاجل المرتضى رحمه الله تعالى في الذريعة : ويمضي في الكتب كثيراً ان حصول الظن عند النظر في الامارة ليس بموجب عن النظر كما نقوله في العلم الحاصل عند النظر في الدلالة بل يختاره الناظر في الامارة لا محالة لقوة الداعي ، وليس ذلك بواضح ، لانهم انما يعتمدون في ذلك على اختلاف الظنون من العقلاء والامارة واحدة ، وهذا يبطل باختلاف العقلاء في الاعتقادات ، والدلالة واحدة . فان ذكروا اختلال الشروط وعند تكاملها يجب العلم أمكن أن يقال مثل ذلك بعينه في النظر في الامارة . ( انتهى ) (۱) .
وفيه : ان الفرق بين الدليل والامارة ، ان الدليل اذا نظر فيه من الوجه الذي يدل لم يكن انظمام أمر من الخارج اليه يصرف الناظر عن العلم بالمدلول ولا يحتاج استلزامه للعلم الى عدم المانع كما مر عند قول المصنف ( والنظر في
_________________________
(١) الذریعة : ٢٣ .