والحقيقة لا يمتنع أن يقل استعمالها (۱) فتصير كالمجاز مثل قولنا : الصلاة في الدعاء وغير ذلك . وكذلك لا يمتنع في المجاز أن يكثر استعماله فيصير حقيقة في العرف نحو قولنا : الغائط في الحدث المخصوص وقولنا : دابة في الحيوان المخصوص . وما هذا حكمه حكم له بحكم الحقيقة .
والمفيد من الكلام لا
يكون الا جملة من اسم واسم ، أو فعل واسم . وما عداهما لا يفيد الا بتقدير واحد من القسمين فيه ولاجل ذلك قلنا يا زيد في النداء انما يفيد لان معنى ( يا ) ادعو فصار معنى هذا الحرف معنى الفعل فلاجل ذلك أفاد ، فينقسم ذلك الى أقسام الى الامر وما معناه (۲) معنى الامر من السؤال والطلب والدعاء
والى
_________________________
(۱) قوله : ( والحقيقة لا يمتنع أن يقل الخ ) ظاهره ان قلة استعمال الحقيقة بالنسبة الى المجاز ، وكثرته بالنسبة اليها يصير الحقيقة مجازاً . والمجاز حقيقة وهو محل بحث ، لان مجرد الكثره لا يصير المجاز مستغنياً في الاستعمال عن ملاحظة العلاقة . نعم قد يبلغ الكثرة والقلة الى هذا الحد ، وكان مراد المصنف بالقلة والكثرة اما هذا الحد أو المطلق ، ويجعل الفاءِ في ( فيصير ) للتعقيب لا للتفريع .
(۲)
قوله ( الى الامر وما معناه الخ ) سيجيءِ في ( فصل في ذكر حقيقة الامر ) ان هذه الصيغة التي هي قول القائل : ( افعل ) وضعها أهل اللغة لاستدعاء الفعل . وخالفوا بين معانيها باعتبار الرتبة فسموها اذا كان القائل فوق المقول له أمراً ، واذا كان دونه سؤالا وطلباً ودعاءاً ، ولم يذكر هنا ولاثمة الالتماس