قال : صاحب الفوائد المدنية رحمه الله تعالى : (۱) : وأقول بعد نطق كثيرة من الايات الشريفة بالمنع عن العمل بالظن في نفس الاحكام الالهية ، لو ظهر نص من النبي صلىاللهعليهوآله مخصص لتلك الايات بالاصول ، لتواتر الينا ، بل الى انقراض أهل الدنيا لتوفر الدواعي على أخذ مثل ذلك ، وعلى ضبطه ونشره و لم يظهر باتفاق المتخاصمين ، فعلم انتفائه في الواقع ( انتهى ) .
ويمكن أيضاً دفع ما بعد التنزل بان قول القائل : ولولاه لوجب العمل بالدلائل المانعة من اتباع الظن ، محتاج اليه في الاعتراض لانه لدفع أن يتوهم انه لا حاجة في التمسك بالظاهر الى الاجماع ، لانه مركوز في العقول انه يجوز عقلا ، الحكم بأي شيء كان بسبب ما يفيد الظن به . كما هو المتعارف في المخاطبات . كقولنا زيد حي في بلد كذا ، ونحو ذلك ، ما لم يدل دليل يساويه .
أو يكون أقوى على المنع منه نظير ما قالوا : من أن الاصل في بعض الاشياء الاباحة ، ما لم يرد شرع على المنع منه .
فنقول : نختار الشق الثاني ، ونقول : قولكم ولم يثبت بعد جواز التمسك بالظاهر ، باطل لانه وان لم يثبت شرعاً ، لكنه ثابت عقلا . والمقصود بالعمل بالدلائل المانعة ، ترك الحكم بالظن ، لا الحكم بحظر الحكم بالظن ، حتى يتوجه أن هذه الدلائل ضعيفة ، لانها قد عارضها استلزامها للنقيض .
لكن يرد على القائل . حينئذ ان هذه الدلائل قطعية كما سننبه عند قول المصنف ( وأما القياس والاجتهاد . الى آخره ) .
_________________________
(١) الفوائد المدنية في الرد على القائل بالاجتهاد والتقليد في الاحكام الالهية للمولى المحدث ، محمد أمين بن محمد شريف الاسترابادى الاخباري المتوفى بمكة في سنة ( ۱۰۳۳هـ ) وقيل : سنة ( ۱۰۳۰ ) . الذريعة ١٦ : ٣٥٨ .