ومنها : أن يعلم انها
تطرد (۱) في موضع ، ولا تطرد في آخر و
_________________________
(۱) قوله ( أن يعلم انها تطرد ) لما كان الاطراد بلا مانع لازماً للحقيقة كما مر في هذا الفصل ، وعدم اللازم يدل على عدم الملزوم ، كان عدم الاطراد بلا مانع علامة للمجازية ، كما فرع .
فان قيل : انما يدل عدم اللازم ، على عدم الملزوم ، لو كان العلم به قبله وما نحن فيه ليس كذلك لما قيل . وحاصله : ان عدم الاطراد أمر ممكن غير محسوس بذاته ، ولا بحسب آثاره وصفاته وكل ما هو كذلك لا يعلم الا بسببه كما حقق في موضعه وسبب عدم الاطراد اما عدم المقتضي للاطراد ، واما وجود المانع عنه . اذ علته عدم الشيء ، عدم علة وجوده ، وقد فرض ان لا مانع ، فعدم الاطراد انما هو لعدم مقتضي الاطراد ، وهو انما يعلم بعدم الوضع .
فاذا يعلم عدم الاطراد بعدم الوضع لما ذكرنا ، وعدم الوضع بعدم الاطراد لانه جعل علامة ، لانه مجازاً .
قلنا : بعد عدم تسليم ما حقق ، وبعد ما قيل من أن الظن قد يحصل بدون العلم بالسبب ، وان عدم الاطراد محسوس لمن يتتبع اللغة ، كعدم كون النصب علامة للفاعل ، وعدم جبال شاهقة بحضرتنا ، وأيضاً قوله ( وهو انما يعلم بعدم الوضع ) ممنوع لان الوضع مصحح لا مقتض ، انما المقتضي دواعي أهل اللسان في محاوراتهم في صدر الزمان هذا وليعلم ان العلم بعدم الاطراد بلا مانع يتوقف على شيئين :
الاول
: العلم بأن الاطلاق فيما يجوز اطلاقه انما هو على معنى مشترك بينه وبين ما لا يجوز اطلاقه عليه ، كما في السخي والفاضل ، والواو العاطفة في معنى ( أو ) كما مر . والامر بمعنى الفعل كما سيجيء في ( فصل في ذكر