عرفاً الدليل .
والفقه لغة : الفهم (١) أي العلم المفضى الى العمل بمقتضاه ، فالتفقه التفهم أي أخذ الفقه من الفقيه . ومنه قوله تعالى في سورة التوبة : « فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ » (۲) ضمير منهم ، وضمير لعلهم يحذرون . لمنافقي الاعراب المذكورين سابقاً بقوله : « الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ » (۳) .
الحدود : اللوازم والمرافق ، وما أنزل الله على رسوله ، الايات البينات المحكمات ، الناهية عن اتباع الظن ، في نفس أحكام الله تعالى ، وعن الاختلاف فيها عن ظن ، المشتملة على الوعيد بالنار على مخالفتها .
فحدود ما أنزل الله على رسوله ، المسائل التي لا يمكن العمل بها الا مع العلم بها ، كوجوب سؤال أهل الذكر في كل مجهول احتيج اليه .
والفقه اصطلاحاً : الفهم في الدين . أي فيما أنزل الله على رسوله ، وفي حدوده . فالتفقه اصطلاحاً : التفهم في الدين ، هذا في المصدر السابق . وأما بعد ذلك ، فالفقه اصطلاحاً : مسائل تحمل فيها الاحكام الشرعية العملية ، على غير التصديق . والذي يكشف عن حقيقة هذا الحد ، ان محمولات المسائل ، اما من قبيل الاحكام ، كالوجوب والندب والاباحة ، وغير ذلك من الاقسام . واما من غيره ، كالتماثل والاختلاف .
والاحكام اما مأخوذة من حيث انها متلقات من الشارع ، وهي الاحكام الشرعية . واما غير مأخوذة من هذه الحيثية ، وهي الاحكام العقلية ، المحمولة
_________________________
(١) النهاية ٣ : ٤٦٥ ، ولسان العرب ٣ : ٥٢٢ مادة ( فقه ) .
(٢) التوبة : ۱۲۲ .
(۳) التوبة : ٩٧ .