وهذا الذي ذكرناه أولى مما ذهب اليه قوم من أنه اذا أطلق اللفظ وجب حمله على جميعه على كل حال (۱) ، لانه لو أراد بعضه لبينه لان القائل أن يقول : لو أراد الجميع لبينه فيجب حمله على بعضه ، ويتعارض القولان ويسقطان ، وانما حملهم على هذا قولهم : ان تأخير بيان المجمل لا يجوز عن وقت الخطاب . وعندنا ان ذلك جائز على ما سندل عليه فيما بعد (۲) .
فمتى كان الوقت وقت الحاجة (۳) وجب حمل اللفظ على انه أراد به الجميع ، ثم ينظر فيه . فان أمكن الجمع بينها وجب القطع على انه أراد ذلك على طريق الجمع بينها ، وان لم يكن الجمع بينها وجب القطع على انه أراد به الجميع على وجه التخيير .
وذهب قوم الى انه
يجوز أن يريد من كل مكلف ما يؤديه اجتهاده اليه ، وهذا يتم لمن قال ان كل مجتهد مصيب (٤)
، وعندنا
_________________________
(۱) قوله ( على كل حال ) أي سواء كان وقت الحاجة أو قبله .
(۲) قوله ( فيما بعد ) أي في ( فصل في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب ) .
(۳) قوله ( فمتى كان الوقت وقت الحاجة وجب الخ ) هذا تكرار ما سبق لتقسيمه الى ممكن الجمع وممكن التخيير وما لا يمكنان فيه ، وهذا التقسيم جار في الصورة الاولى أيضاً ، وهي أن يدل الدليل على أنه أراد الجميع .
(٤)
قوله ( لمن قال ان كل مجتهد مصيب ) انما يتم لمن قال به ، على ما