أراد الحقيقة أيضاً . فينبغي أن يحمل عليهما الا أن يدل دليل على انه لم يرد الحقيقة ، أو لا يمكن الجمع بينهما ، فيحمل حينئذ على انه أراد المجاز لا غير . وكذلك ان كان اللفظ يفيد في اللغة شيئاً ، وفي الشرع شيئاً آخر ، وجب القطع على انه اراد ما اقتضاه الشرع الا أن يدل دليل على انه أراد ما وضع له في اللغة أو أرادهما جميعاً (۱) فيحكم بذلك ، وكذلك القول في الكناية والصريح ، ينبغي أن يقطع على انه اراد الصريح الا أن يدل دليل على أنه اراد الكناية أو ارادهما جميعاً . هذا اذا لم يكن اللفظ حقيقة في الكناية والصريح .
فاما اذا كان اللفظ
حقيقة فيهما على ما نذهب اليه (۲) في فحوى
_________________________
(۱) قوله ( أو أرادهما جميعاً ) مقتضى ما ذكره سابقاً ، انه ان دل الدليل على انه أراد ما وضع له في اللغة ، لم يمنع ذلك من أن يكون أراد ما وضع له في الشرع أيضاً . فان المعنى اللغوي مجازي في الالفاظ الشرعية .
(۲) قوله ( على ما نذهب اليه الخ ) مراده ان نحو ( لَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ ) (۳) مثلا مستعمل في لا تضربهما ولا تؤذهما ونحو ذلك ، ومع هذا كناية وحقيقة . وفيه ان الكناية مستلزم في الملزوم لا في اللازم وحده ، أو مع الملزوم وان كان افهام اللازم مقصودا للمتكلم .
ولو سلم فليس كل كناية كذلك ، ولو سلم فليس كل كناية حقيقة كذلك .
_________________________
(۳) الاسراءِ : ٢٣ .