وأما من قال : انهم سبعون مثل عدد الذين أحضرهم موسى عليه السلام عند الميقات ، لانه انما أحضرهم ليقوم بخبرهم حجة على غيرهم ، لا يصح أيضاً لاخر الوجهين الذين ذكرناهما في الشبهة الاولى ، ولانه لا يمنع أن يكون من دونهم بمنزلتهم ، سيما وخبر موسى عليه السلام عن ربه كان يغنى عن خبرهم فاذا اجاز أن يختاروا مع خبره يغنى عن خبرهم ، فيجب أن يكون اختيار السبعين وان وقع العلم بمن دونهم ، أولم يقع العلم بخبرهم أصلا كذلك ، فمن أين ان سبب اختيارهم كان ما ادعاه السائل .
فأما من اعتبر الثلاثمائة ، لانهم العدد الذين جاهد بهم النبي صلى الله عليه وآله في غزوة بدر (۱) فليس له تعلق بوقوع العلم بخبرهم ، والكلام عليه يقارب الكلام على الوجهين الاولين .
وأما الشرط الثاني : وهو انه يجب أن يكونوا عالمين بما اخبروا به ضرورة . فانما اعتبرناه ، لان جماعة من المسلمين يخبرون الملحدة ، بأن الله تعالى أحد ، ويخبرون اليهود والنصارى بنبوة نبينا صلى الله عليه وآله ، فلا يحصل لهم العلم بصحة ذلك ، ويخبر
_________________________
(۱) بدر : ماء مشهور بين مكة والمدينة ، أسفل وادي الصفراء بينه وبين الجار ، وهو ساحل البحر ليلة ، وبهذا الماء كانت الوقعة المشهورة التي أظهر الله بها الاسلام ، وفرق بين الحق والباطل ، فكانت وقعة بدر يوم الجمعة . صبيحة سبع عشرة من شهر رمضان من السنة الثانية للهجرة النبوية .