وانما قلنا ذلك ،
لانا لو جوزنا خلاف ذلك لم نأمن أن يكون في الناس (۱) من تخبره الجماعة الكثيرة ولا يعلم بخبرها
، وهذا يوجب
_________________________
(۱) قوله ( لم نأمن أن يكون في الناس الخ ) هذا على تقدير تمام أدلة من ذهب الى ضرورية العلم ، فلا يرد عليه ان من النظريات ما لا نجوز الخلاف فيه بين العقلاء ، لكن يرد عليه أن هذا يدل على ان بعض الاعداد التي وقع عند خبرهم العلم تطرد العادة فيه ، فيقع العلم الضروري بكل عدد مثله ، وهو العدد الذي يحصل خبرهم لكل من كان في الناس بوجود مكة مثلا ، أو الجانب الغربي ، ولا يدل على أن كل عدد يفيد العلم في شخص ، أو واقعة ، وان كان أقل من مخبري مثل مكة تطرد فيه العادة في كل شخص ، وكل واقعة .
نعم اختلاف الاعداد والوقائع باعتبار القرائن ، انما يتأتى على تقدير الكسبية ، لا على تقدير الضرورية ، فبطل ما قيل على تقدير الضرورية ، من انه يختلف بالقرائن التي تتفق في التعريف غير زائدة على المحتاج اليها في ذلك عادة من الجزم ، وتفرس آثار الصدق ، وباختلاف اطلاع المخبرين على مثلها عادة ، كدخاليل الملك بأحواله الباطلة وباختلاف ادراك المستمعين وفطنتهم ، وباختلاف الوقائع وتفاوت كل واحد منهما يوجب العلم بخبر عدد أكثر أو أقل لا يمكن ضبطه ، فكيف اذا تركبت الاسباب ( انتهى ) .
وأما اختلافها لا باعتبار القرائن ، بل بحسب ما يعلمه الله تعالى من المصلحة فلا دليل على نفيه ، كما يدل عليه ظاهر قوله ( انما قلنا انه لا يمتنع الخ ) اللهم الا ان يقال : المراد الاطراد مع استجماع الشرائط فيما هي شرايط فيه ، وحاصله عدم الاختلاف بالقرائن .