وعلى هذا الوجه أنكرت ، وابن عباس جميعاً ما رواه ابن عمر « ان الميت ليعذب ببكاءِ أهله عليه » (۱) وغير ذلك ، فقالا : وهل ـ ابن عمر ـ انما قال صلى الله عليه وآله : « ان صاحب هذا ليعذب ، وأهله يبكون عليه » (۲) .
وقد كان منهم من ينقل الحديث بالمعنى دون اللفظ ، فيقع الغلط فيه من هذا الوجه وهذه الوجوه التي ذكرناها ، أو أكثرها تنقى الطعن عن ناقل الخبر وان كان كذباً .
فأما من تأخر عن زمان الصحابة والتابعين ، فلا يمنع من أن يكون فيهم من يدخل في الاحاديث الكذب عمداً ، ويكون غرضه الافساد في الدين ، كما روى عن عبد الكريم بن أبي العوجاء (۳) انه لما صلب (٤) وقتل قال : اما انكم ان قتلتموني ، لقد أدخلت في أحاديثكم أربعة آلاف حديث مكذوبة . وهذا واحد من الزنادقة والملحدين ، فكيف الصورة في الباقين ؟ .
_________________________
(٤) قوله ( لما صلب الخ ) أشرف عليهما .
_________________________
(۱) سنن أبي داود ٣ : ١٩٤ .
(۲) المصدر السابق .
(۳) قال ابن حجر في لسان الميزان ٤ / ٥١ : عبد الكريم بن أبي العوجاء ، خال معن بن زائدة ، زنديق مغتر ، قال أبو أحمد ابن عدي لما اخذ ليضرب عنقه قال : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث احرم فيه الحلال واحلل فيه الحرام . قتله محمد بن سليمان العباسي الامير بالبصرة ( انتهى ) .