يقول لا يصح أيضاً الاستدلال بها من وجوه (۱) .
أحدها : ان هذه الاية
نزلت في فاسق أخبر بردة قوم (۲) وذلك
_________________________
(۱) قوله : ( لا يصح أيضاً الاستدلال بها من وجوه ) اشارة الى انه يمكن الدفع بوجه آخر غير الوجهين المذكورين في الكتاب ويمكن بيانه بأن من شرط حجية دليل الخطاب ، ان لا يعلم من الخارج بدليل مساواة المسكوت عنه المذكور في الحكم . وهاهنا ليس كذلك ، لان التبيّن هو التعرّف ، وتطلّب البيان ، أي العلم الحادث عن دليل كما سيجيء في ( فصل في ذكر حقيقة البيان ) .
فلو كان خبر الفاسق موجباً لطلب العلم ، والتوقف ما لم يحصل علم دون خبر العدل ، لكان خبر العدل على طبق خبر الفاسق وبعده غير مسموع ، وكان قبله مسموعاً مع ان الاول أقوى من الثاني ، ولعله لم يذكر المصنف هذا الوجه صريحاً ، لانه مما يمكن ان يستنبط من الوجه الثاني .
وهاهنا وجه رابع هو الاستدلال على المساوات بين المسكوت عنه والمذكور بقوله : « فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ » (۳) لان جواز الندم حاصل في خبر العدل أيضاً ، وهو أيضاً مثل الثالث في أنه يمكن أن يستنبط من الثاني .
(۲) قوله : ( في فاسق أخبر بردة قوم ) نزلت في الوليد بن عقبة (۴) كما قال الزمخشري وغيره في تفسير سورة الحجرات قال : بعث رسول الله صلى
_________________________
(٣) الحجرات : ٦ .
(٤) الوليد بن عقبة بن أبان بن ذكوان بن امية بن عبد شمس بن عبد مناف . قال ابن عبد البر في الاستيعاب : لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت ان قوله عز وجل : « إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ » نزلت في الوليد بن عقبة .