فأما الخطاب فهو
الكلام الواقع على بعض الوجوه وليس كل كلام خطاباً ، وكل خطاب كلام . والخطاب يفتقر في كونه كذلك الى ارادة المخاطب ، لكونه خطاباً لمن هو خطاب له (۱) ومتوجه
_________________________
دون ما كان وجوبه أو قبحه ، باعتبار أمر خارج ، وبالظن ببعضه في حقنا وذلك لان شرطه مجهول ، وهو عدم ما يعارض وجهه المعلوم من الجهات والاعتبارات فينا ، التي لا تتناهى ولا يعلمها الاعلام الغيوب ، لتوقفه على العلم بأسبابه وأسباب أسبابه .
وهكذا يمكن أن يحمل عليه قوله تعالى في سورة ص : « أَمْ لَهُم مُّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ » (۲) فلعل الصدق النافع حصل بعد سنين متطاولة ، ما لو كان معلوماً قبل ، لم يقدم عليه ، وأوجب الندم عليه .
ومثله اغاثة الملهوف ، واعانة الفقير ، وكذا الكذب الضار ، يمكن أن يحصل بعد سنين متطاولة من المصالح ، ما لو كان معلوماً لاوجب الاقدام عليه ، وأوجب الندم على تركه .
(۱) قوله : ( فأما الخطاب فهو الكلام الى آخره ) الخطاب في اللغة : توجيه الكلام نحو الغير للافهام . ثم نقل عرفاً الى الكلام الموجه نحو الغير للافهام . والمراد بقوله ( على بعض الوجوه ) انه كلام خاص ، ولم يصرح بالخصوصية . لان المقصود هنا بيان النسبة بين الخطاب ، والكلام بالعموم والخصوص مطلقاً ولذا صرح بها بقوله ( وليس كل الخ ) .
_________________________
(٢) سورة ص : ١٠ .