والمراد بـ ( ما ظنه عليه ) مبدأ المفعول الثاني من مفعولي الظن . والمراد بقوة كون المظنون على ما ظنه ، أن يكون كون المظنون على ما ظنه ، مستنداً الى ما يصح الاستناد اليه ، وهو القدر المشترك بين البرهان والامارة فلا تتحقق هذه القوة مع الاعتقاد المبتدأ ، وهو ليس بظن عند المصنف ، وسيدنا الاجل المرتضى ، كما سيجيء في ( فصل في الكلام على من أحال القياس عقلا ) .
و ( تجوز ) بصيغة الماضي المعلوم ، من باب التفعل ، عطف على قوي . و الضمير المستتر للظان القائم مقام العائد ، والتجوز : احتمال الشيء مع بعده .
ويجوز أن يكون بصيغة المضارع من باب التفعيل ، ويؤيده قوله ( لان العالم لا يجوز ) وكونه بالنصب مفعول ( تجوز ) والضمير لـ ( المظنون ) وضمير ( خلافه ) لما ظنه .
والحاصل ان الظن ما قام بغيره وتعدى الى مفعولين ، وقوي عند ذلك الغير كون مفعوله الاول متصفاً مفعوله الثاني ، واحتمل ذلك الغير : أن يكون مفعوله الاول متصفاً بمنافي مفعوله الثاني .
وربما يطلق الظن على العلم الذي معه رجاء أو خوف ، ويمكن أن يحمل عليه قوله تعالى في سورة البقرة : « الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ » (۱) و قوله تعالى في سورة يوسف : « وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا » (۲) وقوله تعالى في سورة الكهف : « وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُم مُّوَاقِعُوهَا » (۳) .
وقد يطلق الظن على المعارضة الوهمية المتبعة ، والعلم على ما لم يكن معه هذه المعارضة . ويجوز أن يحمل عليه قوله تعالى في سورة الجاثية : « مَا لَهُم
_________________________
(١) البقرة : ٤٦ .
(٢) يوسف : ٤٢ .
(۳) الكهف : ٥٣ .