أعظم عجزا وقصورا فالتجأت إليه جل جلاله في معرفة ما لا أعرفه إلا من مشاورته جل جلاله في قليل أمري وكثيره.
فصل :
ثم وجدت الأنبياء الذين هم أكمل بني آدم عليهمالسلام قد استدرك الله عليهم في تدبيراتهم عند مقامات فجرى لآدم عليهالسلام في تدبيره في أكل ثمرة الشجرة ما قد تضمنه صريح الآيات وجرى لنوح عليهالسلام في قوله ـ ( إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ ) (١) مما لا يخفى عمن عرفه من أهل الصدق وجرى لداود عليهالسلام في بعض المحاكمات ما قد تضمنه الكتاب حتى قال الله جل جلاله ( وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ) (٢) وجرى لموسى عليهالسلام لما اختار سبعين رجلا من قومه للميقات ما قد تضمنه صريح الآيات (٣).
فلما رأيت الأنبياء الذين هم أكمل العباد في الإصدار والإيراد قد احتاجوا إلى استدراك عليهم في بعض المراد علمت أنني أشد حاجة وضرورة إلى معرفة إرشادي فيما لا أعرفه من مرادي إلا بمشاورته سبحانه وإشارته فالتجأت إلى تعريف ذلك بالاستخارة من أبواب رحمته.
فصل :
ثم وجدت صريح القرآن قد تضمن عموما عن بني آدم بواضح البيان ،
__________________
(١) هود ١١ : ٤٥.
(٢) ص ٣٨ : ٢٤.
(٣) وهي قوله تعالى في سورة الأعراف ٧ : ١٥٥ : ( وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِمِيقاتِنا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ ).