وخرجت الجوائز إلى كلّ قوم على قدرهم.
فلمّا تفرّق الناس وبقي من الخاصّة من بقي قال المأمون لأبي جعفر : إن رأيت جعلت فداك أن تذكر تفصيل ما ذكرته من الفقه في قتل المحرم فعلت.
فقال أبو جعفر : « نعم ». وأجاب عن جميع المسائل بما هو مشهور.
فقال له المأمون : أحسنت ، أحسن الله إليك يا أبا جعفر ، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك.
فقال له أبو جعفر عليهالسلام : « اخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أوّل النهار فكان نظره إليها حراما عليه ، فلمّا ارتفع النهار حلّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلمّا دخل وقت العشاء الآخرة حلّت له ، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه ، فلمّا طلع الفجر حلّت له ، ما حال هذه المرأة ، وبما ذا حلّت له وحرمت عليه؟ »
فقال يحيى : لا أعرف ذلك ، فإن رأيت أن تفيدنا.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : « هذه المرأة أمة لرجل من الناس ، نظر إليها [ أجنبي ] (١) أوّل النهار [ فكان نظره إليها حراما ] (٢) فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلّت له ، فلمّا كان عند الظهر أعتقها فحرمت عليه ، ثم تزوجها وقت العصر فحلّت له ، ثمّ ظاهر منها وقت المغرب فحرمت عليه ، ثمّ كفّر عن الظهار وقت العشاء فحلّت له ، ثمّ طلّقها واحدة نصف الليل فحرمت عليه ، ثمّ راجعها وقت الفجر فحلّت له ».
فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته وقال : ويحكم ، إنّ أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل ، وإنّ صغر السنّ فيهم لا يمنعهم من الكمال ، أما علمتم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم افتتح
__________________
( ١ ـ ٢ ) ما بين المعقوفين اثبتناه من الارشاد ليستقيم السياق.