والتوفيق لي في الرأي ، ثمّ قال لأبي جعفر عليهالسلام : اخطب لنفسك ، فقد رضيتك لنفسي وأنا مزوّجك أمّ الفضل ابنتي.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : « الحمد لله إقرارا بنعمته ، ولا إله إلاّ الله إخلاصا لوحدانيّته ، وصلّى الله على محمّد سيّد بريّته ، وعلى الأصفياء من عترته.
أمّا بعد : فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام فقال سبحانه : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ ) (١) ثمّ إنّ محمد بن علي بن موسى يخطب أمّ الفضل ابنة عبد الله المأمون ، وقد بذل لها من الصداق مهر جدّته فاطمة بنت محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو خمسمائة درهم جيادا ، فهل زوّجته يا أمير المؤمنين بها على الصداق المذكور؟ »
فقال المأمون : نعم ، قد زوّجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور ، فهل قبلت النكاح؟
قال أبو جعفر : « نعم ، قبلت النكاح ورضيت به ».
فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم.
قال الريّان : فلم نلبث أن سمعنا أصواتا تشبه أصوات الملاّحين ، فإذا الخدم يجرّون سفينة مصنوعة من فضّة تشدّ بحبال الأبريسم على عجلة مملوّة من الغالية (٢) ، ثمّ أمر المأمون أن تخضب لحى الخاصّة من تلك الغالية ، ثمّ مدّت إلى دار العامّة ، وطيّبوا بها ، ووضعت الموائد وأكل الناس ،
__________________
(١) النور ٢٤ : ٣٢.
(٢) الغالية : نوع من الطيب مركّب من مسك وعنبر وعود ودهن. « لسان العرب ١٥ : ١٣٤ ».