إبراهيم العمري ، وفلان ، وفلان ، إذ دخل علينا أبو محمد الحسن عليهالسلام وأخوه جعفر ، فحففنا به ، وكان المتولّي لحبسه صالح بن وصيف ، وكان معنا في الحبس رجل جمحي يقول : أنّه علويّ.
قال : فالتفت أبو محمد عليهالسلام فقال : « لو لا أنّ فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يفرّج عنكم » ، وأومأ إلى الجمحي أن يخرج فخرج ، فقال أبو محمد عليهالسلام : « هذا الرجل ليس منكم فاحذروه ، فإنّ في ثيابه قصّة قد كتبها إلى السلطان يخبره بما تقولون فيه ».
فقام بعضهم ففتّش ثيابه فوجد فيها القصّة يذكرنا فيها بكلّ عظيمة.
وكان أبو الحسن عليهالسلام يصوم فإذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه إليه في جونة مختومة ، وكنت أصوم معه ، فلمّا كان ذات يوم ضعفت فأفطرت في بيت آخر على كعكة وما شعر بي والله أحد ، ثمّ جئت فجلست معه ، فقال لغلامه : « أطعم أبا هاشم شيئا فإنّه مفطر ».
فتبسّمت ، فقال : « ما يضحكك يا أبا هاشم؟ إذا أردت القوّة فكل اللحم فإنّ الكعك لا قوّة فيه ».
فقلت : صدق الله ورسوله وأنتم ، فأكلت فقال لي : « أفطر ثلاثا ، فإنّ المنّة لا ترجع إذا انهكها الصوم في أقلّ من ثلاث ».
فلمّا كان في اليوم الذي أراد الله سبحانه أن يفرّج عنه جاءه الغلام فقال : يا سيّدي أحمل فطورك؟
فقال : « احمل ، وما أحسبنا نأكل منه ».
فحمل الطعام الظهر ، واطلق عنه عند العصر وهو صائم ، فقال : « كلوا هنّاكم الله » (١).
__________________
(١) الخرائج والجرائح ٢ : ٦٨٢ / ١ ، و ٦٨٣ / ٢ ، وباختصار في : مناقب ابن شهرآشوب ٤ :