ومن جملة ذلك : ما رواه عن إبراهيم الخارقي ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : قلت له : كان أبو جعفر عليهالسلام يقول : « لقائم آل محمد عليهالسلام غيبتان واحدة طويلة والاخرى قصيرة ».
قال : فقال لي : « نعم يا أبا بصير ، إحداهما أطول من الاخرى ، ثمّ لا يكون ذلك ـ يعني ظهوره ـ حتّى يختلف ولد فلان ، وتضيق الحلقة ، ويظهر السفياني ، ويشتدّ البلاء ، ويشمل الناس موت وقتل ، ويلجئون منه إلى حرم الله تعالى وحرم رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (١).
فانظر كيف قد حصلت الغيبتان لصاحب الأمر عليهالسلام على حسب ما تضمّنته الأخبار السابقة لوجوده عن آبائه وجدوده عليهمالسلام ، أمّا غيبته الصغرى (٢) منهما فهي التي كانت فيها سفراؤه عليهالسلام موجودين ، وأبوابه معروفين ، لا تختلف الاماميّة القائلون بإمامة الحسن بن عليّ عليهالسلام فيهم ، فمنهم : أبو هاشم داود بن القاسم الجعفريّ ، ومحمد بن عليّ ابن بلال ، وأبو عمرو عثمان بن سعيد السمّان ، وابنه أبو جعفر محمد بن عثمان ، وعمر الأهوازي ، وأحمد بن إسحاق ، وأبو محمد الوجناني ، وإبراهيم بن مهزيار ، ومحمد بن إبراهيم في جماعة أخر ربّما يأتي ذكرهم عند الحاجة إليهم في الرواية عنهم.
وكانت مدّة هذه الغيبة أربعا وسبعين سنة ، وكان أبو عمرو عثمان بن سعيد العمري قدّس الله روحه بابا لأبيه وجدّه عليهماالسلام من قبل وثقة لهما ، ثمّ تولّى الباقية من قبله ، وظهرت المعجزات على يده ، ولمّا مضى لسبيله قام ابنه أبو جعفر محمد مقامه رحمهما الله بنصّه عليه ، ومضى على منهاج أبيه
__________________
(١) غيبة النعماني : ١٧٢ / ٧.
(٢) في نسخة « ط » و « ق » : القصرى.