الوصيّ منه بواسطة النبيّ ؛ لعموم قوله تعالى : ( وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ) (١).
وقد قال الثعلبي في تفسيره : لمّا نزلت ( بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) (٢) الآية ، أخذ النبيّ بيد عليّ وقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » (٣).
فلمّا شاع ذلك بلغ الحرث بن النعمان الفهري (٤) فأتى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال ـ بعد كلام ـ هذا شيء منك أم من الله؟ فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « والذي لا إله إلاّ هو إنّه من أمر الله » فولّى الحرث وهو يقول : اللهمّ إن كان ما يقول محمّد حقّا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم ، فرماه الله بحجر على هامته فخرج من دبره. وأنزل الله سبحانه ( سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ ) (٥) ـ (٦) الآية.
قوله : ( وختمهم ).
أقول : هذه اللفظة تحتمل أن تكون مفتوحة التاء فتكون إخبارا ، أو أن تكون ساكنة فتكون عطفا على ابتعاث الأنبياء المعطوفين على خلق العقل المعطوف على خلق الخلق ، أمّا على تقدير الإخبار فلا كلام فيه ، وأمّا على تقدير العطف فتحتاج إلى بيان النعمة في الختم المذكور.
فنقول : وجه النعمة في ختم الأنبياء تقريب المكلّف إلى ما وعد به وتوعّد فيكون له بذلك باعثا وزاجرا ، وفيما نقل أن الله تعالى أوحى إلى نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم « إنّي مننت عليك بعشر خصال : منها : أنّي جعلتهم ـ يعني أمّته عليهالسلام ـ آخر الأمم كيلا يطول مكثهم تحت التراب » (٧).
__________________
(١) النجم (٥٣) : ٣ ـ ٥.
(٢) المائدة (٥) : ٦٧.
(٣) حكاه عن الثعلبي في مجمع البيان ٣ : ٣٨٢ و ٣٨٣.
(٤) كذا في الأصل ولكن في المصدر : « النعمان بن الحرث ».
(٥) المعارج (٧٠) : ١.
(٦) مجمع البيان ١٠ : ١١٩.
(٧) لم نعثر عليه.