أقول : العقل غريزة في قلب الإنسان ، والعلم لازم له ، وليس هو هو كما ذهب إليه بعضهم ، وإنّما سمّي عقلا تشبيها بعقال الناقة ، ووجه المشابهة أنّ الحاصل له العقل يمتنع من القبائح كما يمتنع البعير المعقول من السير ، وقد ظهر من هذا أنّه تعالى لا يوصف بالعقل إذ لا يعقله شيء من فعل القبيح ، بل تركه اختيارا منه لعلمه بقبحه وبفنائه عنه ، هذا.
والفارق هو القاسم ، ومنه فرق الشعر ، ومنه الفرقان أيضا.
والظاهر أنّ الصحيح والصدق مترادفان.
وقد قال الفاضل ( رضوان الله عليه ) في كتاب الأسرار :
إنّ الصدق ما إذا نسبته إلى المخبر عنه طابقه ، والحقّ ما إذا نسب المخبر عنه إليه طابقه ، فعلى هذا الحقّ والصحيح في الإضافة متقابلان ، والمتبادر إلى الفهم أنّهما مترادفان (١).
قال الشيخ أبو جعفر : والصحيح هو الحقّ بعينه ، أمّا الفاسد والباطل فعند المحقّقين أنّهما مترادفان. وعند الحنفيّة هما غيران (٢).
قوله : ( وابتعاث الأنبياء والأوصياء عليهمالسلام ).
أقول : الابتعاث ـ بالباء الموحدة تحت ، والتاء المثناة فوق ـ أخذا من قول العالم بالبلاغة أمير المؤمنين في الموعود بالشفاعة سيّد المرسلين : « ابتعثه بالنور المضيء ، والبرهان الجليّ ، والمنهاج البادي ، والكتاب الهادي » (٣) يعني ـ صلّى الله عليه ـ بالنور نور النبوّة ، وبالبرهان المعجزات ، وبالمنهاج الشريعة ، وبالكتاب القرآن.
وأمّا كون الأنبياء والأوصياء نعمة فيجري مجرى إيضاح الواضحات.
إن قلت : إن لفظة « ابتعاث » لا تنطبق على الأوصياء ، بل على الأنبياء خاصّة.
قلت : الخاصّة ممنوعة ، فانّ النبيّ كما بعث من الله سبحانه بواسطة الملك ، بعث
__________________
(١) الأسرار الخفيّة ، قسم الإلهيات ، المقالة الأولى ، المبحث الرابع في أحكام الجواهر.
(٢) لم نعثر عليه.
(٣) نهج البلاغة : ٣٠١ ، الخطبة ١٦١.