يكون تنجيز الحصة الاختيارية لمن جاء بالفعل الاضطراري سابقاً ليس من باب الشك في القدرة على تحصيل الملاك اللزومي فيه ، كيف وهذا ليس من الشك في الامتثال ولا في القدرة على الامتثال بل من الشك في كون الملاك في الحصة والفعل المقدور أو في الحصة والفعل غير المقدور ـ وهو الاختياري غير المسبوق بالاضطراري ـ وهذا من الشك في التكليف ومصبه ، سواء اريد بالتكليف الخطاب أو الملاك ، فلا تتم مقالة العراقي حتى هنا.
وإنّما الوجه في عدم جريان البراءة عن وجوب الحصة الاختيارية لمن جاء بالفعل الاضطراري مع احتمال سقوطه بالتفويت من جهة منجزية العلم الإجمالي بوجوب الاختياري امّا مطلقاً أو مشروطاً ومقيداً بعدم سبق الاضطراري بنحو قيد الواجب ، وهذا العلم كسائر موارد الدوران بين الأقل والأكثر ينجّز الأقل ، وهو ذات الفعل الاختياري.
هذا ، مضافاً إلى جريان استصحاب بقاء التكليف الأعم من الضمني أو الاستقلالي المتعلّق بذات الفعل الاختياري ، وهذا استصحاب منجّز ؛ لأنّ متعلقه وهو الفعل الاختياري لم يتحقق ، فلا يقاس باستصحاب بقاء وجوب الأقل لمن فعل الأقل والذي ليس منجزاً ؛ لكونه مردداً بين ما يكون ممتثلاً وساقطاً بالامتثال وما يكون باقياً ـ كما ذكرناه في بحث الأقل والأكثر ـ وهذا الاستصحاب ينفع للمكلّف الذي كان يقطع ببقاء عذره أو يستصحب بقائه في أوّل الوقت بحيث لم يتشكل له ذلك العلم الإجمالي الدائر بين الأقل والأكثر ، وإن كان ثبوت هذا العلم الإجمالي للفقيه في الشبهة الحكمية ـ كما هو المفروض في هذا البحث ـ أيضاً كافياً لتنجيز فتواه بحق المكلّفين مطلقاً ، فتدبر جيداً.