الماهية إذا لوحظت بذاتها لا بلحاظ ما هو خارج عن ذاتها أي مرآة للخارج فهي ليست إلاّهي لا مطلقة ولا مقيدة فلا تتصف بشيء منهما وهي الماهية المهملة ، وإذا لوحظت مرآة وبلحاظ خارج ذاتها كانت صالحة للاتصاف بالاطلاق وهو عدم لحاظ القيد والتقييد وهو لحاظ القيد ، ومن هنا كان التقابل بينهما تقابل العدم والملكة.
وفيه : ما تقدم من انّ الماهية المهملة لا يمكن أن تأتي إلى الذهن في لحاظ مستقل فالماهية الملحوظة في الذهن امّا أن يلحظ معها القيد فهي المقيدة وامّا أن لا يلحظ معها القيد وهي المطلقة ، فبعد لحاظ الماهية يكون التقابل بين اطلاقها وتقييدها من السلب والايجاب لا محالة.
وأمّا ما يقال من انّ الماهية من حيث هي ليست إلاّهي فالمراد بها ـ كما ذكرنا سابقاً ـ أنها لا تري غير ذاتها تصوراً ومفهوماً وليست صالحة لأن تري أيّة خصوصية اخرى خارج ذاتها ، وهذا صحيح ولا ينافي كونها مطلقة بالحمل الشايع أي منطبقة على كل فرد من أفرادها خارجاً كما تقدم. فهي مطلقة بالحمل الشايع لا بالاطلاق اللحاظي. ثمّ انّهم بحثوا بعد ذلك في استحالة الاهمال ثبوتاً رغم وجود شق ثالث وهو الماهية المهملة وما أقاموه من الأدلّة من انّ الجاعل عالم بجعله فلا يعقل الاهمال.
جوابه : انّه إذا لم يلزم منه نقض الغرض فلا مانع من أخذ الطبيعة المهملة بناءً على معقولية لحاظها في الذهن مستقلاً في موضوع أو متعلق جعل كما أنّهم بحثوا في كون المهملة في قوّة الجزئية أو الكلية ، والصحيح على ضوء ما تقدم أنّها في قوّة الكلية وقد سميناه بالاطلاق الذاتي لفناء الطبيعة ذاتاً في محكيها الموجود حتى في مورد فقد القيد.