موضوع تام للقبح عقلا ، أو لجعل العقاب شرعا ، وأنها ليست لو خليت ونفسها كذلك حتى يمكن عدم لحوق حكمها لها بعروض ، عارض ، بل القابل لارتفاع الحكم المزبور عنه موضوع آخر ، وهي مخالفة المعلوم بالإجمال المنحلّ ولو حكما.
وحينئذ فالبحث هنا ليس راجعا إلى البحث عن الاقتضاء بوجه أصلا ، بل المبحوث عنه استحقاق العقوبة على مخالفة الحكم المعلوم إما عقلا أو شرعا.
والمبحوث عنه في باب البراءة والاشتغال هو أن المجهول تفصيلا غير محكوم بالجواز فعلا أو بنفي المؤاخذة عنه لرجوعه إلى رفع العقاب المجعول على مخالفة المعلوم ، وهو ينافي بقاء التكليف الفعلي على حاله.
وقد حقق في محله أن مجرد ترتب المسألة على مسألة لا يوجب وحدة المسألة ، بل تعدد المسائل بتعدد القضايا موضوعا أو محمولا أو هما معا وتعددهما هنا واضح بالبيان المزبور.
ومن جميع ما ذكرنا يظهر أن تخصيص المقام بالبحث عن حرمة المخالفة القطعيّة وتخصيص البحث الآتي بوجوب الموافقة القطعيّة كما عن شيخنا العلامة الأنصاري « قدس سره » لا وجه له (١).
وتوجيهه بأن البحث عن حرمة المخالفة القطعيّة بحث عن أصل اقتضاء العلم والبحث عن وجوب الموافقة القطعيّة بحث عن مقدار الاقتضاء وكيفيته لا عن أصله.
غير وجيه ، إذ مقدار الاقتضاء وكيفيته لو لم يكونا من مقتضيات الشك والجهل لا وجه للبحث عنهما في ما أعد للبحث عن مقتضيات الجهل وأحكامه.
وتوهم أن وجوب الموافقة القطعيّة من مقتضيات احتمال العقاب ووجوب دفع الضرر المحتمل عقلا لا من آثار العلم بالتكليف حيث لا علم بالإضافة إلى
__________________
(١) فرائد الأصول المحشى : ١ / ٣٠.