تساعد على تفهيم غيره به. إلا أن الكلام الواصل يمكن أن يكون آلة لتفهيم نفس معناه ، ووجود القرينة واقعا لا يكون صالحا لتفهيم غيره به ، فهذا المقتضي الواصل يؤثر في نفوس العقلاء من حيث بنائهم على استكشاف المراد به ، ووجود القرينة واقعا لا يصلح للصارفية ، ونفس الاحتمال ليس صارفا حيث إنه ليس مفهما لغيره.
وأما مع احتفاف الكلام بما يحتمل قرينيّته فالموجود وإن لم يكن مفهما لغيره ، إلا أن الكلام المحفوف به أيضا لا يصلح بالفعل لتفهيم نفس معناه وإن كان ظهوره الوضعي محفوظا ، لأن الذي يصلح لتفهيم معناه به هو اللفظ المجرد من غيره لا المحفوف بغيره ، وهذا معنى كون المجمل العرضي كالمجمل الذاتي.
نعم إن كان مدار عمل العقلاء على اتباع الظهور الذاتي لا لما ذكرنا ، بل لوجه آخر لا طريق لنا إليه أمكن حجية هذا الظاهر المحفوف وهذا معنى التعبد حيث إنه لم يعلم وجه العمل كما في التعبد الحقيقي.
٨٤ ـ قوله « قده » : بناء على حجية أصالة الحقيقة ... الخ (١).
غرضه « قدس سره » أنه بناء على حجية الظاهر من باب الكشف النوعي لا شبهة في عدم حجيته ، إذ مع هذا الاحتفاف لا كشف أصلا.
وكذا بناء على اتباع الظاهر من باب أصالة عدم القرينة ، إذ لا شك في وجودها هنا ، بل في قرينية الموجود.
وأما بناء على حجيته تعبدا من العقلاء ، ففيه الإشكال لامكان تعبدهم في مثله أيضا على اتباع الظهور الذاتي وجعل الموجود كالمعدوم.
إلا أن الظاهر أن العقلاء يعاملون معه معاملة المجمل ، فيعلم أن بناءهم على اتباع الظاهر وإن لم يكن لحيثية ظهوره ، إلا أن موضوع حكمهم الظاهر
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٨٦.