كاشفية فعلا نوعا مع كون المخبر ممن لا يوثق به.
ومنه يظهر أن خبر العادل عن حدس إذا كان عما لا سببيّة له عادة كان مستندا إلى ما لا طريقية له عادة إلى الواقع ، فالعادل والفاسق حينئذ على حد سواء من كون الاعتماد على خبرهما اعتمادا على الجهل المحض.
وهذا وجه انصراف آية النبأ إلى الخبر عن حس أو ما هو كالحس لا من حيث إن النبأ عن حدس غير معمول به عند العقلاء فلا يكون رافعا للجهالة كما توهم ، بل من حيث استناده إلى ما هو في نفسه لا سببية له للوصول إلى الواقع ، فكيف يكون الخبر المستند إليه كاشفا فعلا عن الواقع حتى يبني عليه العقلاء أو يتعبد به الشارع ، فافهم جيدا.
٨٧ ـ قوله « قده » : وهم كما يعملون بخبر الثقة إذا علم ... الخ (١).
قد عرفت أن مقتضى بناء العقلاء هو الكشف النوعي الفعلي عن الواقع ، فمع كونه ممن يوثق بقوله ولم يكن آفة بحاسّته وعدم استناد العاقل بحسب المتعارف إلا إلى سبب عادي متعارف لا ريب في كاشفية خبره نوعا عن الواقع.
وأما إذا اختل هذا الظهور الأخير ، ـ وهو ظهور حال العاقل في دعوى الجزم بشيء أنه مستند إلى سبب عادي متعارف ، بحيث وجدنا غالب المدعين للإجماع مستندين إلى سبب غير عادي أو وجدنا خصوص هذا المدعي يستند إلى سبب غير متعارف ، ـ فلا كاشفية ، نوعية لخبره ، وإن احتمل استناده في خصوص هذه الدعوى إلى سبب متعارف ، كما إذا احتملنا أنه مع فرض غلبة كذبه يكون صادقا في خبره الشخصي أو مع وجود الآفة بحاسته ما اخطأ في خصوص هذا المورد ، فكما لا يفيد هذا الاحتمال في تحقق الكشف النوعي كذلك ذلك الاحتمال.
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٨٩.