وأخرى في قبال الأصول اللفظية.
فان كانت في قبال الأصول العملية ، فاما أن تكونا متوافقتين في الإثبات أو النفي ، وإما أن تكونا متخالفتين :
فإن كانت الأخبار مثبتة للتكاليف والأصول أيضا ، كذلك سواء كانت مثبتة لما يماثلها أو لما يضادها موضوعا أو حكما ، فلا ينجز العلم الإجمالي بالإضافة إلى تلك الأخبار المثبتة لما أشرنا إليه آنفا أن مفاد الأصل سواء كان حكما فعليا أو تنجز الحكم الواقعي لا يعقل تأثير العلم في مورده ، لامتناع فعلية الواقع مع فعلية الحكم المجعول على طبق الأصل ، ولامتناع تنجّز المتنجّز.
وبه يندفع توهم تأثيرهما في الحكمين المتماثلين لموضوعين أو المتضادين لموضوع واحد بالاحتياط في الأول والتخيير في الثاني ، إذ مع فعلية وجوب الجمعة مثلا باستصحابه لا علم إجمالي بتكليف فعلي للظهر أو بالحرمة للجمعة حتى يجب الاحتياط في الأول ويتخيّر في الثاني.
وإن كانت الأخبار مثبتة والأصول نافية : فان كانت الأصول النافية بحد يعلم إجمالا بمخالفتها للواقع للعلم الإجمالي بصدور جملة من الأخبار المثبتة المنافية لها فلا مجال للعمل على طبق الأصول ، للزوم المخالفة القطعية العملية ، واجراء بعضها دون بعض ترجيح بلا مرجح.
وإن لم يكن بهذا الحد فالمسألة مبنيّة على جريان الأصول في بعض أطراف العلم الإجمالي وعدمه ، نظرا إلى أنها مغياة بعدم العلم ولو إجمالا بخلاف الحالة السابقة ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تحقيق القول فيه في دليل الانسداد (١) وفي آخر الاستصحاب (٢).
__________________
(١) في التعليقة ١٣٢.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : التعليقة ١٢٣.