بعدم وصوله ، وهذا الأخير هو المراد بقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
ومن الواضح أن وصول عدم التكليف تفصيلا محقق لنقيض ما هو جزء العلة التامة لاستحقاق العقاب ، ووصوله بالحجة الشرعية محقق للنقيض تنزيلا.
بخلاف وصوله (١) إجمالا فانه يجتمع مع احتمال التكليف ، فلا يكون محققا للنقيض ، ويجتمع مع الحجة على التكليف ، فلا يكون معذرا عن مخالفة التكليف ، فلا بد في دفع احتمال التكليف من حيث التأثير في العقوبة بالتشبث بعدم وصوله لا بوصول عدمه الغير المنافي لاحتماله بل للحجة على ثبوته ، فالعلم الإجمالي بعدم التكليف لا أثر له عقلا ولا شرعا.
وقد عرفت آنفا أن العلم الإجمالي بصدور كثير من الأخبار ليس علما بوجود الحجة ، بل علم بصدور المخبر به ولهذا العلم يراد أن يعامل مع الخبر معاملة الحجة ، فليس العلم الإجمالي بالخبر النافي علما بالمعذر الشرعي ، فتدبر جيدا.
ومما ذكرنا تبين أن ما أفاده (٢) الشيخ الأجل « قدس سره » من أن مقتضى
__________________
(١) يعني بخلاف وصول عدم التكليف اجمالا فانه لا يترتب عليه الأثر وهو تحقق نقيض ما هو جزء العلة التامة لاستحقاق العقاب مع انه كان يترتب فيما كان وصوله تفصيلا ولذا يجتمع مع الحجة الشرعية على التكليف كما اذا علم اجمالا بنجاسة أحد الكأسين مع العلم بطهارة الآخر فان عدم التكليف واصل اجمالا لكن لا يترتب عليه الاثر لوجوب الاجتناب عن النجس في البين شرعا وبما انه غير معلوم تفصيلا فيجب الاجتناب عن الكأسين عقلا ليحصل الموافقة القطعية وعليه فاذا علم بعدم التكليف اجمالا كما اذا علم بعدم نجاسة احد الكأسين وطهارته وشك في نجاسة الآخر وطهارته لم يصح التمسك بوصول عدم التكليف اجمالا لدفع احتمال التكليف من حيث التاثير في العقوبة لأنه لا ينافي احتمال التكليف ولا يرفع اثره بل لا ينافي الحجة على ثبوت التكليف بالنسبة الى الكأس الآخر وحينئذ فاللازم في دفع احتمال التكليف هو التمسك بعدم وصول التكليف فانه الذي يرفع أثر الاحتمال لا وصول عدم التكليف اجمالا فانه لا يترتب عليه أثر لا شرعا ولا عقلا.
(٢) تقدم الإشارة إليه في التعليقة حيث قلنا في أواخر الوجه الأول إلى آخره.