منع انطباق العنوان الموجب للاستحقاق إلا على الفعل الاختياري.
فان قلت : ما ذكرت من انطباق عنوان الهتك على الفعل المتجري به إنما يستتبع استحقاق العقوبة إذا صدر عن اختيار ، حيث إن الحسن والقبح العقليّين من صفات الأفعال الاختياريّة ، مع أن المتجري إنما قصد هتك مولاه بشرب الخمر الواقعي والمفروض عدم حصوله ، فلم يصدر منه هتك اختياري.
بل سيأتي (١) إن شاء الله من الأستاد العلاّمة « أدام الله أيّامه » موافقا لما في تعليقته (٢) المباركة أنه لم يصدر منه فعل اختياري أصلا ، إذ ما تصوّره وهاجت رغبته إليه واشتاقه وهو شرب الخمر لم يصدر منه ، وما صدر منه وهو شرب الماء فلم يتصوّره ولم يمل إليه ولم يقصده ، فكيف يكون اختياريّا مع عدم مبادي الاختيار؟
قلت : الحركة لا تخلو عن كونها إمّا بقسر القاسر أو بالطبع أو بالإرادة وشرب هذا المائع الشخصي المشار إليه بالإشارة الحسيّة ليس معلولا لقسر القاسر ولا للطبع قطعا بل معلول للإرادة.
غاية الأمر أنّ تعلّق الإرادة الشخصيّة بهذا المائع الحسّي بواسطة اعتقاد أنّه الخمر وتخلّفه لا يوجب كون هذا الشّرب الشخصي بلا إرادة.
وبالجملة الشوق الكلي إلى شرب الخمر يتخصّص بشرب هذا المائع الخاص بواسطة اعتقاد أنه الخمر ، والخطأ في التطبيق لا يخرج هذا الشرب عن كونه إراديّا.
فهذا هو الوجه في كون هذه الحركة إراديّة لا بواسطة أن العام بتبع إرادة الخاص إراديّ حتى يشكل بأن الحصة التي كانت في ضمن الخاص وإن كانت إراديّة لكنها لم توجد والحصة الأخرى في ضمن غير ذلك الخاص لا وجه
__________________
(١) كفاية الأصول / ٢٦٠.
(٢) التعليقة على فرائد الأصول / ١٣.