والمعتبر في القضايا المشهورة والآراء المحمودة مطابقتها لما عليه آراء العقلاء ، حيث لا واقع لها غير توافق الآراء عليها.
قال : الشيخ الرئيس في الإشارات (١) ومنها الآراء المسماة بالمحمودة ، وربما خصصناها باسم المشهورة ، إذ لا عمدة لها إلا الشهرة ، وهي آراء لو خلى الإنسان وعقله المجرّد ووهمه وحسّه ـ ، ولم يؤدّب بقبول قضاياها والاعتراف بها ، ولم يمل الاستقراء بظنه القوي إلى حكم لكثرة الجزئيّات ، ولم يستدع إليها ما في طبيعة الإنسان من الرحمة والخجل والأنفة والحميّة وغير ذلك ـ لم يقض بها الإنسان طاعة لعقله أو وهمه أو حسه ، مثل حكمنا أن سلب مال الإنسان قبيح ، وأن الكذب قبيح لا ينبغي أن يقدم عليه إلى آخر كلامه.
وعبّر عنها أخيرا بأنها من التأديبات الصلاحيّة ، وجعل منها ما تطابق عليه الشرائع الإلهيّة ، ومنها الناشئة عن الخلقيات والانفعالات.
وقال العلامة (٢) الطوسي « قدس سره » في شرح كلامه ومنها أي المشهورات كونه مشتملا على مصلحة شاملة للعموم ، كقولنا العدل حسن وقد يسمى بعضها بالشرائع الغير المكتوبة ، فان المكتوبة منها ربما يعم الاعتراف بها ، وإلى ذلك أشار الشيخ بقوله وما تطابق عليه الشرائع الإلهيّة.
ومنها كون بعض الأخلاق والانفعالات مقتضية لها ، كقولنا الذب عن الحرم واجب ، وإيذاء الحيوان لا لغرض قبيح إلى أن قال « رحمه الله » والآراء المحمودة هي ما يقتضيه المصلحة العامة أو الاخلاق الفاضلة إلى آخره.
وسلك هذا المسلك العلامة قطب الدين صاحب المحاكمات فذكر (٣)
__________________
(١) شرح الإشارات للمحقق الطوسي ١ : ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٢) شرح الإشارات ١ / ٢٢١
(٣) شرح الإشارات ١ / ٢٢٠