والحدوث.
والشرائع الإلهيّة ما جاءت للتّصديق بوجود المبدا والعلة ، بل لنفي الشّرك في المعبود ، ولذا كان أول كلمة أمر بها النّبي صلّى الله عليه وآله شهادة أن لا إله إلا الله وهي أنه لا معبود إلا الله مع اعتراف المشركين بأنّه تعالى خالق السموات والأرضين كما نطق به الكتاب المبين حيث قال عزّ اسمه : ( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ ) (١) إلى غير ذلك من الآيات.
ومن البيّن بعد التصديق بوجود المبدأ أن النفس في حد ذاتها قوّة محضة على إدراك المعقولات التي هي كمالها ، واشرف الكمالات النّفسانيّة معرفة المبدأ بذاته وصفاته وأفعاله بالمقدار الممكن ، فان شرف كل علم وعقل بشرف معلومه ومعقوله وأفضل موجود وأكمله المبدأ.
فمعرفة المبدأ أشرف كمال وفضيلة للنفس ، وبها نورانيّتها وبها حياتها كما أنه بعدم المعرفة أو بما يضادّها ظلمانيّتها وموتها ، والقرب الحاصل للجوهر النّفساني من المبدأ صيرورته وجودا إضافيّا نوريّا للمبدا خصوصا إذا كان بنحو الشّهود الرّوحي وبالأخص إذا فنى في مقام الاستغراق في الله الموجب لبقائه بالله تعالى.
فهذه المرتبة عين السّعادة والابتهاج بشهود المبدأ ، كما أن عدمه عين البعد عن معدن النّور والتّخلد في عالم الطّبيعة والحرمان عن ينبوع الحياة وبقيّة الكلام في محله.
١٦٩ ـ قوله « قده » : كمعرفة الإمام على وجه آخر ... الخ (٢).
فالإمامة على هذا هي الرئاسة العامة في أمور الدّنيا والدّين بحيث يجب
__________________
(١) لقمان : ٢٥ والزمر : ٣٨.
(٢) كفاية الأصول / ٣٣٠.