بمعنى المعرفة يقابله الكفر بمعنى الجهل تارة بتقابل العدم والملكة وأخرى بتقابل التّضاد ، فالجهل البسيط ممن شأنه أن يعلم ويعرف مقابل للعلم بتقابل العدم والملكة ، والجهل المركّب المتقوّم باعتقاد غير الحق يقابل الاعتقاد بالحقّ بتقابل التضاد.
فما عدا الإنسان من الحيوان وغيره ليس من شأن نوعه أن يعلم ، فليس له جهل يقابل العلم بتقابل العلم بتقابل العدم والملكة.
ونوع الإنسان على أصناف : فصنف منه أيضا ليس من شأنه بما هو صنف أن يعلم ويعرف كالمجانين والأطفال فليس لهم جهل يقابل العلم بتقابل العدم والملكة وصنف آخر منه أيضا ليس من شأنه أن يعلم وإن كان كبيرا غير مجنون كالمستضعفين من الرّجال والنسوان الذين عقولهم عقول الصبيان لقلّة استعدادهم ، فهؤلاء أيضا بحسب هذا الصّنف ليس من شأنهم أن يعلموا ويعرفوا.
وصنف آخر منه لبعده عن محيط المعرفة بهذا الأمر وعدم التفاتهم حتى يتمكّنوا من العلم به أيضا ليس من شأنهم أن يعلموا فليس لهم جهل يقابل العلم بتقابل العدم والملكة. منها أن التذاذ كل قوة بنيل ما يلائمها وتألّمها بنيل ما يضادّها وينافرها أو بفقد ما يلائمها مع الالتفات إليه وإلى ملائمته وإلاّ فمع عدم الالتفات لا يتألّم بفقده كغير الملتفت إلى ملائمة الحلاوة للذائقة فإنه لا يتألّم بفقدها ، وكذلك الجوهر العاقل فإن التذاذه بنيل المعقولات النافعة في نظام أمور دينه ودنياه وتألّمه بفقده مع الالتفات إلى كونه كمالا للجوهر العاقل.
منها أن للإنسان بحسب ذاته وفطرته جهتين جهة نورانيّة وجهة ظلمانيّة.
فمن حيث نفسه النّاطقة التي هي من عالم الملكوت وهو عالم النور الذي لا تعلّق له بالمادّة الظلمانيّة جوهر مجرّد نوراني.
ومن حيث نفسه الحيوانيّة التي هي معدن القوى البهيميّة والسبعيّة