وقد عرفت سابقا أنّ حقيقة القطع عين الانكشاف لا أنه شيء لازمه الانكشاف ، فملاحظة القطع بنفسه مع قطع النظر عن حيثيّة كشفه قطع النظر عن حقيقته. كما أن ملاحظة الانكشاف بنفسه من دون ملاحظة انكشاف الشيء غير معقولة ، لأن حقيقة الانكشاف مقولة لا يعقل إلا متعلّقة بشيء.
ولا ينافي ذلك كون العلم نورا لنفسه ونورا لغيره كما في المتن ، فان معنى كونه نورا لنفسه أنه عين النور فلا يحتاج في حضوره للنفس إلى حضور آخر ، لكن هذا النور عين حضور الغير ، كما لا يخفى ذلك على الخبير.
ومنه يعلم أن إرجاع (١) القطع على وجه الصفتيّة إلى ملاحظته ، من حيث إنه نور لنفسه ، وعلى وجه الكاشفيّة إلى ملاحظته من حيث كونه نورا لغيره لا وجه له ، فان معنى كونه نورا لنفسه أن حقيقته عين النور ، وهذا النور عين ظهور الغير ، إذ حقيقة الانكشاف حقيقة تعلقيّة بذاتها ، نظير قولهم واجب الوجود لذاته أي وجوب الوجود عين ذاته وبهذا الوجه يقال : إن الوجود موجود بنفسه أي نفسه هو الوجود ، وإلا فلو فرض ملاحظة الحضور والوجود الذهني بما هو من دون لحاظ تعلّقه بأمر خاص لزم كفاية كل حضور ووجود ذهني في ترتب الحكم مع أنه ليس كذلك قطعا.
إلا أن يلاحظ نفس الحصّة الملازمة للماهيّة الخاصة لا الحضور بما هو كلي ، فيكون الحكم مقصورا ذاتا على خصوص الحضور والملازم لحاضر خاص وهو الخمر مثلا.
لكنه بعيد جدا عن مساق كلام الشيخ الأعظم قدس سره فان اعتبار القطع من حيث إنه صفة خاصّة قائمة بالشخص كما في عبارته هو اعتبار العلم
__________________
(١) كما عن المصنف ( قده ) في المتن.