كانت البداية بالكوفة ؛ حيث حفظ القرآن الكريم مشافهة بالتلقي عن قرّاء الكوفة في عصره وأشهرهم حمزة بن حبيب الزيات (١).
ويظهر أن حفظه للقرآن لم يصاحبه علم وفقه ؛ حيث تشير المصادر التي وردت بها ترجمة الكسائيّ إلى أنّه تعلم النحو على كبر ، وسببه أنه جاء إلى قوم وقد ناله التعب فقال : قد عييت. فقالوا له : تجالسنا وأنت تلحن! قال : وكيف لحنت؟ قالوا : إن كنت أردت من انقطاع الحيلة ، فقل : عييت ، وإن أردت من التعب ، فقل : أعييت.
فأنف من هذه الكلمة ، وقام من فوره وسأل عمّن يعلّم النحو ، فأرشدوه إلى معاذ الهراء ، فلزمه حتى أنفذ ما عنده ، ثم خرج إلى البصرة ، فلقي الخليل وجلس في حلقته (٢).
لما جلس الكسائيّ في حلقة الخليل ، قال له رجل من الأعراب : تركت أسدا وتميما ، وعندها الفصاحة ، وجئت إلى البصرة؟ فقال للخليل : من أين أخذت علمك هذا؟ فقال : من بوادي الحجاز ، ونجد ، وتهامة .. فخرج الكسائيّ إلى البادية ، وأخذ يسأل عن لغتهم ، ويكتب عنهم ما يروونه.
__________________
(١) تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٨ ، وغاية النهاية ١ / ٥٣٨.
(٢) تاريخ بغداد ١١ / ٤٠٤ ، مفتاح السعادة ١ / ١٣٠.