مكة ، والحافظ أبو الفضل بن حجر في قضاة مصر ، وأبو شامة في « الروضتين » ، وهو أروعهم وأزهرهم ـ فأقول : أي السيوطي ـ أما جدي الأعلى همّام الدين ، فكان من أهل الحقيقة ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرئاسة ، منهم من ولّي الحكم ببلده ، ومنهم من ولّي الحسبة بها ، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون ، ومنهم من كان متموّلا ، ولا أعلم منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي. وأما نسبتنا بالخضيري فلا أعلم ما تكون هذه النسبة إلا الخضيرية ، محلة ببغداد ، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمهالله يذكره أن جدّه الأعلى كان أعجميا ، أو من الشرق ، فالظاهر أن النسبة إلى المحلة المذكورة.
وكان مولدي مستهلّ رجب بعد المغرب ليلة الأحد سنة تسع وأربعين وثمانمائة ، وحملت في حياة ابي إلى الشيخ « محمد المجذوب » رجل كان من الأولياء ، بجوار المشهد النفيسي ، ونشأت يتيما فحفظت القرآن ولي دون ثمان سنين ، ثم حفظت « العمدة » ومنهاج الفقه ، والأصول وألفية ابن مالك ، وشرعت في الاشتغال بالعلم من مستهلّ سنة أربع وستين وثمانمائة.
فأخذت الفقه ، والنحو عن جماعة من الشيوخ ، وأخذت الفرائض عن العلامة فرضيّ زمانه الشيخ « شهاب الدين الشارمساحيّ » الذي كان يقول : إنه بلغ السدّ العالية ، وجاوز المائة بكثير ، قرأت عليه من شرحه على المجموع.
وأجزت بتدريس العربية من مستهل سنة ست وستين ، وقد ألفت في هذه السنة فكان أول شيء ألفته شرح الاستعاذة والبسملة ، وأوقفت عليه شيخنا « علم الدين البلقيني » فكتب عليه تقريظا ، ولازمته في الفقه إلى أن مات ، فلازمت ولده فقرأت عليه من أوّل التدريب لوالده إلى « الوكالة » وسمعت عليه من أول « الحاوي الصغير » إلى « العدد » ، ومن أول « المنهاج » إلى « الزكاة » ، ومن أول « التنبيه » إلى قريب من « الزكاة » ، وقطعة من « الروضة » ، وقطعة من تكملة شرح المنهاج للزركشي ، ومن إحياء الموات إلى