« المفلحون » فقط على « الزين بن عياش » وأخذ رسم القرن عن « الزين رضوان ».
وقد بلغ الشيخ زكريا الأنصاري درجة عظيمة في العلم ومكانة مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول « شمس الدين السخاوي » : « ولم ينفك عن الاشتغال على طريقة جميلة من التواضع ، وحسن العشرة ، والأدب ، والعفة ، والانجماع عند بني الدنيا ، مع التقلل ، وشرف النفس ، ومزيد العقل ، وسعة الباطن ، والاحتمال ، والمداراة ، إلى أن أذن له غير واحد من شيوخه في الإفتاء والاقراء ، وتصدّى للتدريس في حياة غير واحد من شيوخه ، وأخذ عنه الفضلاء طبقة بعد طبقة ، مع إعلام متفننيهم بحقيقة شأنه ، وقصد بالفتاوى ، وزاحم كثيرا من شيوخه فيها ، وله تهجّد وصبر ، واحتمال ، وترك للقيل والقال ، وتواضع وعدم تنازل ، بل عمله في التودد يزيد عن الحدّ ، ورويّته أحسن من بديهته ، وكتابته أمتن من عبارته ، وعدم مسارعته إلى الفتاوى مما يعدّ من حسناته ، وبيننا أنسة زائدة ، ومحبة من الجانبين تامة ، ولا زالت المسرّات واصلة إلى من قبله بالدعاء والثناء ، وإن كان ذلك دأبه مع عموم الناس ، فحظي منه أوفر ، ولفظي فيه كذلك أغزر ، وزاد في الترقي وحسن الطلاقة والتلقي مع كثرة حاسديه ، والمعترضين لجانبه وواديه ، وهو لا يلقاهم إلا بالبشر ، إلى ان استقرّ به « الأشرف قايتباي » في مشيخة الدرس المجاور للشافعي ، والنظر عليه ، ولذا كثر تودد الناس إليه » (١).
وأثنى عليه « الإمام الشوكاني » فقال : وقرأ في جميع الفنون ، وأذن له شيوخه بالإفتاء والتدريس ، وتصدر ، وأفتى ، وأقرأ وصنف ، وله شروح ومختصرات في كل فن من الفنون ، انتفع الناس بها ، وتنافسوا فيها ، ودرّس في أمكنة متعددة ، وزاد في الترقي ، وحسن الطلاقة والتلقي ، وارتفعت درجته عند السلطان « قايتباي ».
__________________
(١) انظر الضوء اللامع للسخاوي المجلد الثاني ص ٢٣٦.