الشيوخ إلى « داريا » ليأخذوا الشيخ كي يكون إماما للجامع الأموي ، فلبس أهل « داريا » السلاح ليقاتلوا دونه ، فقال القاضي : يا أهل « داريا » ألا ترضون أن يسمع في البلاد أن أهل دمشق احتاجوا إليكم في إمام ، فقالوا : قد رضينا. فأخذوه ، وسكن بالمنارة الشرقية ، وكان يقرئ شرقي الرواق الأوسط ، ولا يأخذ على الإمامة رزقا ، ولا يقبل ممن يقرأ عليه برّا ، ويقتات من أرض له « بداريا » ويحمل ما يحتاج إليه من الحنطة فيخرج بنفسه إلى الطاحون ويطحنه ثم يعجنه ويخبزه. اهـ (١).
ألا يعتبر أن « علي بن داود » ضرب أروع الأمثال في القناعة وعفة النفس بهذه الأخلاق الفاضلة؟ احتلّ « علي بن داود » مكانة سامية في جميع الأوساط مما استوجب الثناء عليه ، وفي هذا يقول تلميذه « رشأ بن نظيف » : لم ألف مثله حذقا ، وإتقانا في رواية « ابن عامر » الدمشقي ، وهو الإمام الرابع بالنسبة الى أئمة القراءات (٢). وقال « الكتاني » : كان « علي بن داود » ثقة انتهت إليه الرئاسة في قراءة الشاميين ، ومضى على سداد (٣).
وقال « الإمام الداني » : كان ثقة ضابطا متقشفا (٤).
وقال « الإمام ابن الجزري » : كان « علي بن داود » إماما مقرئا ضابطا متقنا محررا ، زاهدا ، ثقة. اهـ (٥).
توفي « علي بن داود » في جمادى الأولى سنة اثنتين وأربعمائة وهو في سنّ التسعين ، رحمه الله رحمة واسعة ، إنه سميع مجيب.
__________________
(١) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٦.
(٢) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.
(٣) انظر القراء الكبار ج ١ ، ص ٣٦٦.
(٤) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.
(٥) انظر طبقات القراء ج ١ ، ص ٥٤٢.