ثم تصدر لتعليم القرآن ، والقراءات ، واشتهر بالثقة ، وجودة القراءة ، وحسن الأداء ، وأقبل عليه الطلاب ، ومن الذين قرءوا عليه : « أبو القاسم يوسف الهذلي ، وأبو نصر الكركانجي ».
توفي « إسماعيل بن عمرو » سنة تسع وعشرين وأربعمائة.
وبعد أن اكتملت مواهب « أبي نصر الكركانجي » وأخذ العلم عن الشيوخ الذين سبق ذكرهم ، وعن غيرهم ، تصدّر لتعليم القرآن ، وحروف القراءات ، واشتهر ذكره بين الناس ، وأقبل عليه الطلاب يأخذون عنه. ومن تلاميذه « الحسين بن مسعود بن محمد ، أبو محمد البغوي المفسّر » ، كان إماما في التفسير ، إماما في الحديث ، إماما في الفقه ، جليلا ، ورعا ، زاهدا ، تفقه على « القاضي الحسين » وهو أخصّ تلامذته ، وسمع الحديث منه ، ومن « أبي عمر عبد الواحد » وغيرهما.
والإمام البغوي من خيرة العلماء ، وله عدة مصنفات انتفع بها المسلمون منها تفسيره المعروف « معالم التنزيل » وشرح السنة ، والجمع بين الصحيحين ، والتهذيب في الفقه ، وله عدة فتاوى شيخه « القاضي الحسين » التي علّق عليها ، وقد بارك الله تعالى في مصنفاته ، وانتفع المسلمون بها ، ويقال إنه كان لا يلقي الدّرس إلا على طهارة ، وكان قانعا بعيش الدنيا ، فقيرا ، يرضى باليسير ، وكانت إقامته رحمهالله تعالى « بمروالرّوذ » وهي بلدة حسنة مبنية على وادي « مرو » فتحها « الأحنف بن قيس » وقد نسب إليها جماعة من العلماء (١).
توفي « أبو محمد الحسين البغوي » في شوال سنة ست عشرة وخمسمائة « بمرو الروذ » وقد جاوز الثمانين ، ودفن عند « شيخه القاضي الحسين » رحمهما الله تعالى رحمة واسعة.
__________________
(١) انظر : الأنساب للسمعاني ج ٥ ، ص ٢٦٢.