ولا يخفى أنّ الرواية الثانية وإن لم تشتمل على لفظ النقض ، إلاّ أن ها مشتملة على لفظ الدفع ، وهو كالنقض في استدعائه اقتضاء البقاء وعدم الشمول للشكّ في المقتضي ، وحينئذ فلا حاجة إلى ما أُفيد من التكلّف بجعل المضي مثل النقض في الاقتضاء المذكور ، فتأمّل.
قوله : فما ينسب إلى المحقّق السبزواري رحمهالله من عدم اعتبار الاستصحاب عند الشكّ في رافعية الموجود ، بتوهّم أنّ اليقين بوجود ما يشكّ في رافعيته يكون من نقض اليقين باليقين لا من نقض اليقين بالشكّ ... الخ (١).
قد حرّرت عنه قدسسره في هذا المقام ما نصّه : فصّل المحقّق السبزواري (٢) بين الشكّ في الرافع والشكّ في رافعية الموجود ، سواء كانت الشبهة حكمية أو موضوعية ، فقال بجريان الاستصحاب في الأوّل دون الثاني ، مستدلاً على عدم جريانه في الثاني بأنّه ليس من قبيل نقض اليقين بالشك ، بل من قبيل نقض اليقين باليقين بوجود ما يشكّ في رافعيته ، وأنّ هذا الشكّ لا أثر له في انتقاض اليقين السابق ، لكون الشكّ في كون المذي ناقضاً للوضوء موجوداً من أوّل الأمر ، فلا يصلح لأن يكون ناقضاً لليقين ، وإنّما ناقضه هو اليقين بوجود ذلك المشكوك الحال ، فلا يكون مشمولاً لأخبار الاستصحاب.
وفيه أوّلاً : أنّ هذا إنّما يتمّ في خصوص الشبهة الحكمية دون الشبهة الموضوعية ، فيكون دليله أخصّ من المدّعى.
وثانياً : أنّ الشكّ الموجود من أوّل الأمر إنّما هو الشكّ في الحكم الكلّي ،
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٧٨.
(٢) راجع ذخيرة المعاد : ١١٥ ـ ١١٦.