ولكن يدفع هذه التأمّلات أنّ استصحاب الفرد تارةً يكون المنظور فيه هو الخصوصية الخاصّة ، وفي هذه الصورة لا يترتّب عليه أثر الكلّي ، وأُخرى يكون المنظور إليه في الاستصحاب المذكور هو الفرد بما أنّه فرد لذلك الكلّي ، بما اشتمل عليه من كونه حصّة من ذلك الطبيعي بما أنّه حصّة له ، وبعبارة أُخرى يؤخذ الفرد في هذا الاستصحاب بما أنّه فرد لذلك الكلّي ، فيكون حينئذ عين وجود الكلّي ، بمعنى أنّه وجود لذلك الكلّي لا بما أنّه حصّة خاصّة ، فضلاً عن خصوصية الفردية مثل الطول والقصر ونحو ذلك ممّا يدخله تحت كلّي آخر ، وحينئذ يترتّب على استصحاب الفرد بهذا المعنى آثار نفس الكلّي ، إذ لا أثر لنفس الكلّي بما أنّه كلّي مجرّد ، فإنّ الآثار اللاحقة للكلّي إنّما تلحقه باعتبار وجوده ، ومن الواضح أنّ الفرد عين وجود الكلّي عرفاً حتّى لو قلنا إنّه منتزع من الفرد ، أو قلنا بأنّه لا وجود له أصلاً وإنّما الفرد محقّق لعنوان كلّي ، فإنّ هذه أبحاث عقلية لا دخل لها بما هو موضوع الاستصحاب من كون المنظور فيه هو المتفاهم العرفي.
وإن شئت التوضيح فراجع ما أفاده شيخنا قدسسره فيما حرّره عنه السيّد سلّمه الله ص ٣٩١ وذلك قوله : ثمّ إنّ استصحاب الكلّي على القول الخ (١) ، وذلك المحرّر هناك هو المشار إليه في هذا التحرير بقوله : وتوهّم أنّ اليقين لم يتعلّق الخ (٢) فلاحظ.
وعلى كلّ حال ، فإنّ التحقيق هو أنّ استصحاب الفرد بما أنّه فرد لذلك الكلّي هو عين استصحاب الكلّي ، واستصحاب الفرد بما أنّه فرد مخصوص لا يترتّب عليه إلاّ أثره الخاصّ ، واستصحابه بجميع شؤونه من كونه فرداً لذلك
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ٨٨.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤١٣.