وهذه الشبهة هي عين الشبهة في جريان الأُصول في أطراف العلم الاجمالي بالخلاف ، بدعوى لزوم التناقض التي تولّد منها كون التمسّك بعموم دليل الاستصحاب في كلّ واحد من الأطراف تمسّكاً بالعموم في الشبهة المصداقية. ونظيرها شبهة المنع من جريان الاستصحاب في تعاقب الحالتين ، بدعوى عدم اتّصال زمان الشكّ باليقين الراجعة إلى دعوى التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية ، كما أوضحناه في محلّه في مسألة الحادثين في مورد الشكّ في المتقدّم منهما (١).
لكن أُستاذنا المحقّق العراقي قدسسره في مقالته قد اهتمّ بهذه الشبهة بقوله : نعم في القسم الثاني من الكلّي شبهة أُخرى في جريانه الخ (٢) وأجاب عنها بما حاصله : أنّ اليقين بانعدام الفرد الثاني لو كان هو الموجود لا يوجب اليقين بانعدام الكلّي ، لجواز وجوده في ضمن فرده الآخر ، فإنّ انعدام الفرد لا يوجب انعدام الكلّي ، فلا يكون اليقين بانعدام الفرد يقيناً بارتفاع الكلّي وانعدامه ، إلاّ إذا كان يقيناً بعدم جميع الأفراد.
وهذا الجواب وإن كان واضحاً إلاّ أنه تنشأ منه شبهة أُخرى ، وهي أن يقال : إنّا نقطع بأنّ الكلّي لم يكن موجوداً في ضمن فرد ثالث ، وأحد هذين الفردين وهو البقّة لو كان هو الموجود لكان قد ارتفع يقيناً ، فنحن فعلاً قاطعون بأنّ الكلّي لا وجود له في ضمن فرد ثالث ، كما أنّه لا وجود له فعلاً في ضمن البقّة ، وإنّما نحتمل وجوده في ضمن الفيل ، فإذا أجرينا أصالة العدم في الفيل كنّا محرزين لعدم وجود الكلّي فعلاً ، بعضه بالوجدان وهو وجوده في ضمن الفرد الثالث
__________________
(١) راجع المجلّد العاشر من هذا الكتاب ، الصفحة : ١٧٨ وما بعدها.
(٢) مقالات الأُصول ٢ : ٣٨٠.