وهذان الوجهان جاريان في عقد التزويج ، إذ ربما كانت المصلحة وهي احتياج الزوج إلى الزوجة بمقدار سنة مثلاً ، لأنّه جاء إلى هذه البلدة ليبقى سنة فيها ، فهو تارةً يتزوّجها منقطعاً إلى مدّة سنة ، وأُخرى يتزوّجها دواماً ولكن يطلّقها عند انتهاء السنة ، وعلى الأوّل يكون الانتهاء من قبيل الدفع ، وعلى الثاني يكون من قبيل الرفع ، ويكون الشكّ في البقاء في الأوّل لاحتمال أنّه عقدها لأزيد من سنة مثلاً من قبيل الشكّ في المقتضي ، وعلى الثاني يكون الشكّ من قبيل الشكّ في الرافع عندما يشكّ في وقوع الطلاق منه عليها.
قوله : كما يشهد له التمثيل بالشكّ في بقاء البلد المبني على ساحل البحر ... الخ (١).
كون المثال من باب الشكّ في الرافع واضح ، ولعلّ من منع إجراء الاستصحاب فيه يستند في حجّية الاستصحاب إلى الظنّ ، وهو غير حاصل في البلد المذكور ، أو لعلّه يستند إلى عمل العقلاء ، ولم يثبت عملهم في أمثال هذه الموارد على البناء على البقاء.
قوله : وعلى الثاني فإمّا أن يعلم إرسال الحكم في الزمان بحيث يعمّ جميع الأزمنة ولو بمعونة مقدّمات الحكمة ، وإمّا أن لا يعلم ذلك بل يحتمل أن يكون امتداد الحكم إلى زمان خاصّ وينقطع بعده ... الخ (٢).
يمكن أن يقال : إنّ استمرار الحكم في الزمان لا يحتاج إلى مقدّمات الحكمة ، بل إنّ طبع الحكم يقتضي البقاء حتّى يوجد له رافع كالنسخ أو تتحقّق له غاية مجعولة ، غايته أنّ الشكّ في الأوّل يكون من قبيل الشكّ في الرافع ، وفي
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٣٢٨.