قوله : فما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره في المقام من أنّ الآيات الناهية عن العمل بما وراء العلم تصلح لكونها رادعة عن السيرة العقلائية فيما نحن فيه ، ينافي ما تقدّم منه في حجّية الخبر الواحد من أنّ تلك الآيات لا يمكن أن تكون رادعة عن الطريقة العقلائية ... الخ (١).
لا يخفى أنّه في مسألة حجّية خبر الواحد (٢) استدلّ بالسيرة العقلائية ، ومنع من كون الآيات رادعة عنها ، أوّلاً : من جهة كون الآيات الناهية واردة إرشاداً إلى عدم كفاية الظنّ في أُصول الدين.
وثانياً : بأنّ المتيقّن منها ـ لولا أنّه المنصرف من إطلاقها ـ هو خصوص الظنّ الذي لم يقم على اعتباره حجّة.
وثالثاً : أنّ الردع بها مستلزم للدور ، لأنّ الردع بها يتوقّف على عدم تخصيصها بالسيرة ، وعدم تخصيصها بها يتوقّف على الردع عنها بتلك الآيات ، إذ لولا الردع لكانت السيرة مخصّصة لتلك الآيات أو مقيّدة لها.
ثمّ أورد على نفسه : بأنّ إثبات حجّية خبر الواحد بالسيرة موجب للدور ، من جهة أنّ حجّية الخبر بالسيرة يتوقّف على عدم الردع ، وعدم الردع يتوقّف على التخصيص ، والتخصيص يتوقّف على عدم الردع.
وأجاب بما ظاهره الاعتراف بالدور من هذه الناحية ، لكنّه أقصى ما فيه أنّه لم يثبت الردع ولا عدمه ، فيكون الحاصل أنّ هذه السيرة لم يثبت الردع عنها ، وهو ـ أعني مجرّد عدم الثبوت ـ كافٍ في الحجّية وفي مخصّصية الآيات الناهية ، هذا حاصل مطلبه في مسألة حجّية خبر الواحد.
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣٣٣.
(٢) كفاية الأُصول : ٣٠٣ ـ ٣٠٤.