__________________
ولو قلنا بأنّهما من مقولة المجعولات الشرعية نظير الأحكام الوضعية ، فسواء قلنا بأنّهما من قبيل الضدّين ، أو قلنا بأنّهما من قبيل الوجود والعدم ، لم يكن هذا التضادّ أو التناقض بجعل من الشارع ، إذ التضادّ والتناقض غير قابلين للجعل الشرعي ، فإنّ أقصى ما عند الشارع أنّه رتّب الطهارة على الوضوء ورتّب الحدث على النوم ، وذلك بمجرّده لا يقتضي التناقض أو التضادّ بينهما ، لإمكان اجتماع هذه السببية مع كونهما مختلفين ، فيكون الطهارة خلاف الحدث لا أنّها ضدّه ولا نقيضه ، كما أنّ هذا التناقض والتضادّ بينهما ليس ذاتياً لهما كي يتحقّق بمجرّد جعلهما ، نظير تناقض الايجاب والتحريم وتضادّ الاستحباب والاباحة.
وحينئذ لابدّ أن يكون المنشأ في عدم اجتماعهما أمراً آخر غير التضادّ والتناقض الشرعيين أو الذاتيين ، وليس ذلك إلاّمن جهة أنّ الشارع قد جعل سبب كلّ منهما رافعاً للآخر ، فإن قلنا بأنّ الحدث عبارة عن عدم الطهارة كان ذلك ناشئاً عن جعل الشارع النوم رافعاً للطهارة ، وإن قلنا بكونهما وجوديين كان عدم اجتماعهما ناشئاً عن جعل الشارع سبب كلّ منهما رافعاً للآخر مضافاً إلى كونه محقّقاً لمسبّبه ، ولا يكفي في الحكم بعدم اجتماعهما مجرّد جعل الشارع لكلّ منهما عند وجود سببه ، لما عرفت من أنّ معنى جعل السببية لكلّ منهما هو مجرّد الحكم بكلّ منهما عند وجود سببه ، وهذا بمجرّده لا يقتضي عدم الاجتماع ، لإمكان كونهما متخالفين لا ضدّين ولا نقيضين ولا مثلين.
وبالجملة : أنّ عدم الاجتماع بين الحدث والطهارة بعد فرض كونهما من المجعولات الشرعية ، وبعد فرض أنّ التضادّ والتناقض بينهما ليس باقتضاء ذاتيهما كما في الوجوب والحرمة ، لابدّ أن يكون ناشئاً عن جعل الشارع سبب كلّ منهما رافعاً للآخر ، أو جعل ما هو سبب العدمي منهما رافعاً للوجودي ، وحينئذ تكون رافعية ما هو الرافع منهما من المجعولات الشرعية ، ويكون استصحاب عدمه جارياً باعتبار طرد تلك